تقول بنت الشاطئ في تفسير سورة البلد :[ فقد يبدو من السهل أن نفسر ( أقسم ) بلفظ ( أحلف )، وليس في استعمال العرب لهما ما يمنع من تفسير أحدهما بالآخر، لكن استقراء الكلمتين في القرآن يمنع هذا الترادف...... إلى أن تقول : وأمام هذا الاستعمال القرآني، لا يهون أن نفسر القسم بالحلف، وصنيع القرآن فيهما يلفت إلى فرق دقيق بين اللفظين المقول بترادفهما، فرق يؤيده فقه العربية، فاختلاف مادتي اللفظين يؤذن باختلاف مدلول كل منهما، وبين حلف وحنث من القرب، ما ليس بين حلف وقسم، مما يبعد أن يكونا سواء ) ] (١). وهذا فرق كبير واضح، يكفي لنفي ترادف الكلمتين (٢).
المبحث الثاني :
أركان القسم :
للقسم أركان أربعة :-...
الركن الأول :- المقْسِم : وهو إما الله، وإما العباد.
أما القسم من الله :- فقد قيل : ما معنى القسم منه تعالى ؟ فإنه إن كان لأجل المؤمن، فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم. وإن كان لأجل الكافر، فلا يفيده. (٣)
والجواب : إن القرآن نزل بلغة العرب، ومن عادتها القسم إن أرادت أن تؤكد أمراً،
كما أن الحكم يفصل باثنين : إما بالشهادة، وإما بالقسم، فإذا اجتمعت البينة وهي : الشهادة، مع اليمين، على دعوى، اكتسبت مزيد ثبوت وتقرير، فذكر الله تعالى في كتابه النوعين، حتى لا يبقى لهم حجة، فقال :(شهد الله أنه لا إله إلا هو.. الآية ) (٤)
وقال :(ويستنبئونك أحق هو، قل إي وربي إنه لحق..) (٥)

(١) -بنت الشاطئ ( عائشة عبد الرحمن ) : التفسير البياني للقرآن الكريم، ط٧، ج١ / ص ١٦٦-١٦٨.
(٢) - محمد بن عبد الرحمن بن صالح الشايع : الفروق اللغوية، ص ٢٣٨- ٢٤٣. ومحمود سليم : خصوصية المعنى لألفاظ القرآن الكريم، ص ١١٥-١٢٠.
(٣) - انظر : الزركشي : البرهان، ج٣ / ص ٤١.
(٤) - سورة آل عمران : آية /١٨
(٥) - سورة يونس : آية /٥٣.


الصفحة التالية
Icon