جـ – أن (لا) لنفي ما ينبئ عنه القسم من إعظام المقسم به وتفخيمه. فإن معنى لا أقسم بكذا : لا أعظمه بإقسامي حق إعظامه، فإنه حقيق بأكثر من ذلك. وهذا الرأي يدور على أن ( لا ) للنفي، وهذا الأسلوب يتضمن التعظيم. لكن : هل التعظيم منصب على المقسم به، كما ذهب إليه أبو السعود (١)، على معنى : لا أعظمه بإقسامي به حق إعظامه، فإنه حقيق بأكثر من ذلك. أم أن التعظيم منصب على المقسم عليه، على معنى : لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات المطلوب، فإنه أعظم من أن يقسم عليه بهذه الأشياء، وهذا ما ذهب إليه الفخر الرازي. (٢) أم هو منصب على المقسم به، والمقسم عليه، كما ذهب إلى ذلك الزمخشري.. ؟ إذ المبالغة في تعظيم المقسم به تتضمن المبالغة في تعظيم المقسم عليه (٣).
ويرد هذا الرأي قوله تعالى في سورة الواقعة :- (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) (٤). فهذا دليل على أن هنا قسما مثبتا، وأن الكلام إثبات قسم، لا نفي قسم، وليس بعد بيان الله بيان. ويقاس على هذا بقية المواضع الثمانية، إذ هي مثلها في اللفظ، فتكون مثلها في الحكم.
الرأي الثاني :
وحاصله :- أن صيغة (لا أقسم) عبارة من عبارات القسم، واختلفوا في توجيهها على أقوال :-
أولا :- أن لا صلة، أي : زائدة، والمعنى : أقسم. قال بزيادتها :(ابن خالويه) (٥)،
(٢) - الفخر الرازي : التفسير الكبير، ( مرجع سابق ) ج٢٩ / ص ٢١٥، ( تفسير سورة القيامة )
(٣) - انظر تعليق _ ابن المنير- على تفسير الزمخشري للآية / ٦٥ في سورة النساء، ج١/ ص ٥٣٨-٥٣٩..
(٤) - سورة الواقعة : آية /٧٦.
(٥) -ابن خالويه ( أبو عبد الله الحسين بن أحمد ): إعراب ثلاثين سورة من القرآن، ص ٨٧.