والثاني :- هي لام القسم، ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى، ولأن خبر الله صدق، فجاز أن يأتي من غير توكيد ) (١). ونقول: صحيح أن خبر الله صدق، ولكن لم نجد آية واحدة ذكرت فيها لام القسم متصلة بالفعل المضارع، دون أن تصحبها النون، وإذا أخذنا بالقول أن خبر الله صدق – وهو كذلك -، واعتمدنا عليه، فلا داعي للقسم أصلا، لكنه أقسم لحكمة يعلمها.
ومن خلال العرض الموجز السابق نصل إلى :
١- ليست اللام لام ابتداء، أشبعت فتحتها فتولدت عنها ألف، وليست زائدة كذلك.
٢- إن القسم المسبوق بالنفي، هو عبارة من عبارات القسم، وليست ( لا ) أداة نفي نافية للقسم كما ادعى البعض، إذ أنه مردود بتعيين المقسم به، كما في قوله تعالى :( فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) (٢)، وقوله تعالى :(فلا أقسم بمواقع النجوم و إنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم ) (٣) فقد صرح بالقسم هنا، وليس بعد بيان الله بيان. كما أن تأكيد الأمر عن طريق النفي مألوف في لغة العرب، فإنك إذا قلت لصاحبك :(لاأوصيك بفلان)، فإنما تريد تأكيد التوصية به، وتبالغ في الاهتمام به. فتبلغ بالنفي ما لا تبلغه بالأسلوب الصريح المباشر، وكذلك نفي القسم، استعمل في القسم من طريق آكد وأبلغ. (٤)
المبحث الرابع
أنواع القسم الظاهر في القرآن الكريم :
المطلب الأول :- إقسامه تعالى بذاته وصفاته. وقد جاء في خمسة مواطن من القرآن :-
(٢) - سورة الحاقة : الآيتان / ٣٨، ٣٩.
(٣) - سورة الواقعة : الآيات / ٧٥، ٧٦، ٧٧.
(٤) - انظر : د. سمير شيلوة : الكشف والبيان، ص ٣٠٤- ٣١٦. ( بتصرف واختصار. )