٣ - القسم القرآني كما قلنا وقع على أمور مهمة جدا، هي أصول الإيمان، فما المقصود به ؟ إن كان المقصود تحقيق المحلوف عليه وإثباته في ذهن المؤمن، فالمؤمن مصدق لا يحتاج إلى يمين، وإن كان المقصود به تحقيقه وإثباته في ذهن الكافر، فالكافر لا يصدق باليمين (١)، ولا يقنعه إلا الدليل الساطع، والبرهان القاطع. تلك الشبهات تخطر كلها أو بعضها في بال كثير من الناس.
فإذا سأل أحدهم : كيف يقسم الله بمخلوقاته ؟ كان الجواب : إن الله أراد تشريف تلك المخلوقات، والتنويه بها وإعلاء شأنها، والرد على من ذمها، وهذا ظاهر الصحة في قوله تعالى :(لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) (٢)، ... إذا قلنا إنه خطاب من الله لنبيه –صلى الله عليه وسلم-، فقد كان النبي واحدا من العرب، ظهر فيهم وعليهم، فلقي منهم إيذاءً واستهزاء، ولقي منه عنادا وإصراراً، وعتواً واستكبارا، فمن المعقول أن يشرفه الله بأن يقسم بحياته، أما أن يشرف الخيل العاديات ضبحا بالقسم، فبعيد، وأبعد منه أن يشرف بالقسم كلا من الشمس، والقمر، والنجوم، وقد بلغت عندهم من الشرف غايتة، حتى عبدها بعضهم، وفي تشريفه إياها بالقسم بها، إغراء لهم بالتمادي في عبادتها، وهو يقول – سبحانه - (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر. ) (٣).
أساس تلك الشبهات :-

(١) - انظر : الزركشي : البرهان في علوم القرآن، ج٣/ ص ٤١.
(٢) - سورة الحجر : آية /٧٢.
(٣) - سورة فصلت : آية /٣٧.


الصفحة التالية
Icon