والمرخة : شجرة ضئيلة الظل، لا تقي من استظل بها حر الشمس، ولذا تقول العرب لمن لجأ إلى ضعيف لا يحميه : لقد استظل بمرخة. (١)
فالتقديس والتشريف لا يلازمان المقسم به، بل قد يكون حقيرا، أو بغيضا ثقيلا، وقد يكون القسم للتذكير بالمقسم به، والتنبيه إليه، وقد يكون للإستدلال بالمقسم به على المقسم عليه، أو لتشبيه المقسم عليه بالمقسم به.
وإلى هذا أشار الفخر الرازي - عند تفسير قوله تعالى :(والذاريات ذروا. فالحاملات وقراً. فالجاريات يسرا. فالمقسمات أمرا. إنما توعدون لصادق. وإن الدين لواقع.) (٢) إلى أن الأيمان الواقعة في القرآن، وإن وردت في صورة القسم، فالمقصود بها الاستدلال بالمقسم به على المقسم عليه، وهو هنا صدق الوعد، والبعث، والجزاء، كأنه قيل : من قدر على هذه الأمور العجيبة المقسم بها، يقدر على إعادة من أنشأه أولا (٣).
وأكثر أقسام القرآن إستدلالية، والأدلة على ذلك كثيرة، منها :-
١- إن حملها على الإستدلال هو اللائق بجلال الله وبجلال كتابه، لأنه ليس من اللائق ولا من الصواب، أن يفهم أي قسم من أقسام الله على أنه تقديس للمقسم به، لأن هذا التقديس يجوز على البشر، ولا يصح مع الخالق، إلا في حالة واحدة وهي: القسم بالله، فإنه تقديس.
(٢) - سورة الذاريات : الآيات /١-٦.
(٣) - الفخر الرازي : التفسير الكبير ( مرجع سابق ) ط٣، تفيسر سورة الذاريات ص١٩٣-١٩٦.