أقسم – سبحانه – بالكوكب الذي ينبعث منه النور، وتكون به الهداية في ظلمات البر، والبحر، على كون محمد – صلى الله عليه وسلم- سالكا جادة الرشد والهداية، ونفى عنه ما كانت قريش تنسبه إليه من الضلال في ترك ما كانت عليه آباؤهم، وأئمة الكفر منهم، وأن ما جاء به من الكتاب ليس من عنده، وإنما هو وحي إلهي. وكانت العرب تضرب الأمثال بهداية النجم والإهتداء به، ومما يؤثر عنهم في هذا قولهم : فلان أهدى من النجم، ويقولون : لا يضل فلان حتى يضل النجم. وإلى هذا أشار القرآن نفسه فقال: - ( وبالنجم هم يهتدون ) (١).
والمناسبة بين المقسم به والمقسم عليه ظاهرة جلية، فا لمقسم به : هو النجم الذي لا يضل السبيل، وبه يهتدي السائرون، والمقسم عليه : كون محمد – ﷺ – على محجة الهداية، وكون ما جاء به ليس إلا وحيا تلقاه من عالم الغيب والشهادة.
وإنما قال : ما ضل صاحبكم، ولم يقل : ما ضل محمد، تأكيدا لإقامة الحجة عليهم لأنهم مصاحبون له طوال أربعين سنة قبل البعثة، وهم أعلم الخلق به، وبحاله، وبأقواله، وبأعماله، وأنهم في تلك المدة الطويلة لم يشاهدوا منه إلا الصدق، والأمانة، والعقل الراجح، والقول السديد، فقولهم بعد بعثته
– ﷺ – إنه ساحر، أو مجنون، هو نوع من كذبهم البين، وجهلهم المطبق. (٢)
ومما جاء في الأصل الثالث :
في إثبات الحياة الأخرى، وما يتصل بها من حساب، فثواب أو عقاب، قوله تعالى :- (والذاريات ذروا. فالحاملات وقرا. فالجاريات يسرا. فالمقسمات أمرا. إنما توعدون لصادق. وإن الدين لواقع.) (٣)

(١) - سورة النحل : آية / ١٦.
(٢) - انظر : الشهاب الخفاجي : حاشية الشهاب ( مرجع سابق ) : ج٨ / ص ١٠٩- ١١٠ و سليمان بن عمر الشهير بالجمل : الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية : ج٤ / ص ٢٢٢- ٢٢٣.
(٣) -سورة الذاريات : الآيات /١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦.


الصفحة التالية
Icon