أقسم الله –جل شأنه- بأمور أربعة على أن ما توعد به من البعث، وأمر الساعة حق، وعلى أن الدين وهو الجزاء، من ثواب أوعقاب، واقع لا محالة، فهو قسم على البعث، وعلى الجزاء.
قال الفخر الرازي :-( الأمور الأربعة -التي أقسم الله بها هنا – جاز أن تكون أمورا متباينة، وجاز أن تكون أمرا له اعتبارات أربع، الأول : أن الذاريات : هي الرياح، والحاملات : هي السحاب، والجاريات : هي السفن، والمقسمات : هي الملائكة الذين يقسمون الأرزاق. والثاني : وهو الأقرب : أن هذه صفات أربع للرياح، فالذاريات : هي الرياح التي تنشئ السحاب، والحاملات : هي الرياح التي تحمل السحب التي هي بخار المياه.
والجاريات : هي الرياح التي تجري بالسحب بعد حملها. والمقسمات : هي الرياح التي تفرق الأمطار على الأقطار..) (١). وعلى هذا تكون الفاء لبيان ترتيب هذه الصفات في الوجود، فإن الذاريات تثير البخار، فينعقد سحابا، فتحمله الرياح، فتفرقه على الأقطار.
والمقسم عليه : صدق الموعود من البعث والنشور، ووقوع الحساب، فالثواب أو العقاب. فالمناسبة بين المقسم به، والمقسم عليه واضحة، فالقادر على تأليف السحاب من ذرات البخار، بواسطة الرياح الذارية، ثم إعادته بعد ذلك إلى سيرته الأولى، قادر على إعادة الإنسان، وتأليف أجزائه المتفرقة.