وقد أقسم هنا بالرياح والسحاب على البعث والجزاء، وذكرهما في سورة الروم على سبيل الآية والعبرة، فقال تعالى :(الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء، ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون، وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين، فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير) (١).
فالقادر على إرسال الرياح، وإثارة السحب، وإحياء الأرض بعد موتها، قادر على إحياء الموتى (٢).
ومما جاء في الأصل الرابع، وهو بيان أحوال الإنسان وتصرفاته المختلفة :
قوله تعالى :- (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) (٣).
والمقسم عليه في هذه السورة يتكون من أمور ثلاثة :
أ: - دليل من أدلة القدرة الإلهية على البعث، والجزاء، وهو قوله تعالى :( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ).
ب: - وعيد صارم شديد، وهو قوله تعالى :(ثم رددناه أسفل سافلين ) وأسفل سافلين : النار على الصحيح، أو هو سجين موضع الفجار، كما أن عليين موضع الأبرار.
ورددناه : معناه ونرده، فعبر بالماضي موضع المضارع المستقبل، إيذانا بأن الرد أسفل سافلين واقع لا محالة، وتشبيها للمستقبل المحقق وقوعه، بالماضي الواقع فعلا.
ج :- وعد حسن، وهو قوله تعالى :(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) (٤) أي: مقطوع. والقسم في هذه السورة أكثر انصبابا على الأمرين الأخيرين، أي : على الوعد والوعيد

(١) - سورة الروم الآيات /٤٨، ٤٩، ٥٠.
(٢) - انظر : سليمان بن عمر : الفتوحات الإلهية، ج٤ / ص ٢٠١.
(٣) - سورة التين : الآيات /١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦.
(٤) - سورة التين : آية / ٦.


الصفحة التالية
Icon