وحين نستقرئ البيان القرآني في استعماله لمادة ( ح. ل. ف ) نجدها قد دارت في بيانه الكريم في ثلاثة عشر موضعا (١)، كلها جاءت بغير استثناء في الحنث باليمين، وفي آيات مدنية، وخصوصا في سورة التوبة، عدا آية واحدة مكية، هي قوله تعالى في سورة القلم :( ولا تطع كل حلاف مهين ) (٢)، ثم إن إسناد الفعل غالبا جاء في المنافقين. وحين أسند الفعل إلى المؤمنين في قوله تعالى :- ( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ) (٣) كان ذلك لبيان كفارة الحلف عند الحنث. وباستعراض آيات الحلف المسندة للمنافقين، والتي كشفت حقيقتهم وفضحت زيفهم، نرى أن اليمين فيها كانت معقودة أصلا وابتداء على خلاف الحقيقة والواقع في أغلب الآيات، وهم يعلمون ذلك، وأن الأمر كذب.
قال تعالى :( ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) (٤). فالحلف يدور في العربية على احتمال الحنث غالبا، لأنه مبني على الظن، وفي البيان القرآني يتضح بجلاء أن اليمين في الحلف معقودة غالبا على الحنث أصلا، حيث يحلف المنافقون على خلاف الحقيقة، التماسا للعذر، دون مبرة في الحلف، أو صدق في اليمين.
أما القسم : فتفسره المعاجم بالحلف دون أن تذكر فرقا بينهما، إلا أننا نجد صاحب القاموس يقول :

(١) - انظر سورة المائدة / ٨٩، والنساء / ٦٢، والتوبة / ٤٢، ٥٦، ٦٢، ٧٤، ٩٥، ٩٦، ١٠٧، والمجادلة / ١٤، ١٨، والقلم / ١٠.
(٢) -سورة القلم / آية ١٠.
(٣) - سورة المائدة : آية / ٨٩.
(٤) - سورة المجادلة : آية / ١٤.


الصفحة التالية
Icon