( وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم - وأما ) - ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون ﴾
فقرئ بالغيب والخطاب وسيأتي توجيههما
٥٨٤ [ و ( ح ) قا بضم البا فلا يحسبنهم % وغيب وفيه العطف أو جاء مبدلا ] (١)

__________
١- نصب حقا على المصدر أي حق ذلك حقا وهو أن - فلا يحسبنهم - بضم الباء والغيب وفي بعض النسخ وحق بالرفع فيكون خبر المبتدأ الذي هو - فلا يحسبنهم - أي أنه بالضم والغيب حق ووجه ضم الباء أن الأصل فلا يحسبون فالواو ضمير - الذين يفرحون - لأن ابن كثير وأبا عمرو قرءا بالغيب فيهما فانحذفت النون للنهي وانحذفت الواو لسكون نون التأكيد فبقيت ضمة الباء على حالها دالة على الواو المحذوفة ويكون يحسبن على قراءتهما قد حذف مفعولاه لدلالة ظهور المفعولين في ( فلا يحسبنهم بمفازة من العذاب )
أي لا يحسبن الفارحون أنفسهم فائزين وقرأ نافع وابن عامر بالغيبة في الأول والخطاب في الثاني مع فتح الباء لأجل النون المؤكدة ولولاها لكانت الباء ساكنة والقول في مفعولي الأول كما تقدم وقرأ الباقون وهم عاصم وحمزة والكسائي بالخطاب فيهما ووجه ذلك أن يقال الذين يفرحون هو المفعول الأول والثاني محذوف لأنه في الأصل خبر المبتدأ فحذف كما يحذف خبر المبتدأ عند قيام الدلالة عليه
وقوله - فلا يحسبنهم بمفازة قد استوفى مفعوليه وهما في المعنى مفعولا الأول فاستغنى عنهما في الأول بذكرهما في الثاني على قراءة الغيبة في الأول وعلى قراءة الخطاب استغنى عن أحدهما دون الآخر تقوية في الدلالة
وقال الزمخشري أحد المفعولين - الذين يفرحون - والثاني - بمفازة - وقوله - فلا يحسبنهم - تأكيد تقديره لا تحسبنهم فلا تحسبنهم فائزين وقوله وفيه العطف أي في تحسبنهم فائدة العطف على الأول فلهذا كرر أو جاء مبدلا منه فذكر وجهين لمجيء فعل النهي عن الحسبان في هذه الآية مكررا وما ذكرناه من تأويل هذه القراءات الثلاث لا يخرج عن الوجهين اللذين ذكرهما لأن الجملة الثانية إن وافقت الأولى في الغيبة والخطاب صح أن تكون بدلا منها على أن تكون الفاء في - فلا - زائدة كقوله
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
ووجه البدل أن الكلام إذا طال الفصل بينه وبين ما يتعلق به جاز إعادته ليتصل بالمتعلق به كقوله تعالى / < فلما جاءهم كتاب من عند الله > /
فلما طال الفصل قبل الجواب أعاد الفصل بالفاء فقال تعالى { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به >


الصفحة التالية
Icon