﴿ وذروا ما بقي من الربا ﴾
ويقول النابغة ردت عليه أقاضيه وليده قال وقد قرأ أبو جعفر ليجزي قوما أي ليجزي الجزاء قوما قلت وكل هذا استدلال بقراءات ضعيفة شاذة وبضرورات شعر وكل ذلك مما يشهد بضعف هذه القراءة وعجبت ممن يذكرها ويترك غيرها مما هو شائع لغة نقلا وموافق خطا نحو - ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون - ذكر ابن مجاهد رواية عن أبي عمرو بياء مضمومة ورواية عن ابن عامر بتاء مفتوحة مع كسر الجيم وأجود ما وقفت عليه في توجيه هذه القراءة ما نقله أبو جعفر النحاس قال لم أسمع في هذا بأحسن من شيء سمعته من علي ابن سليمان قال الأصل ننجي فحذف إحدى النونين لاجتماعهما كما تحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قوله تعالى - ولا تفرقوا - الأصل تتفرقوا قال والدليل على صحة ما قال أن عاصما يقرأ نجى بإسكان الياء ولو كان على ما تأوله من ذكرنا لكان مفتوحا وقال أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص في باب امتناع العرب من الكلام بما يجوز في القياس أجاز أبو الحسن ضرب الضرب الشديد زيدا وقتل يوم أخاك قال هو جائر في القياس وإن لم يرد به الاستعمال ثم أنشد ابن جني
( لسب بذلك الجرو الكلابا % ) قال هذا من أقبح الضرورة ومثله لا يعتد به أصلا بل لا يثبت إلا محتقرا شاذا قال وأما قراءة من قرأ - وكذلك نجى المؤمنين - فليس على إقامة المصدر مقام الفاعل لأنه عندنا على حذف إحدى نوني ننجي كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قوله تعالى - تذكرون - أي تتذكرون ويشهد لذلك أيضا سكون لام نجى ولو كان ماضيا لانفتحت اللام إلا في الضرورة وقال في كتاب المحتسب روى عن ابن كثير وأهل مكة - ونزل الملائكة تنزيلا - يعني في سورة الفرقان قال وكذلك روى خارجة عن أبي عمرو قال أبو الفتح ينبغي أن يكون محمولا على أنه أراد - وننزل الملائكة - إلا أنه حذف النون الثانية التي هي فاء فعل لالتقاء النونين استخفافا وشبهها بما حذف من أحد المثلين الزائدين في نحو قولك أنتم تفكرون وتظهرون وأنت تريد تتفكرون وتتظهرون
قال ونحوه قراءة من قرأ وكذلك نجى المؤمنين ألا تراه يريد ننجي فحذف النون الثانية وإن كانت أصلا لما ذكرنا قلت ونقل هذه القراءة وتعليلها المذكور الزمخشري في تفسيره وذكره المهدوي في قراءة ننجي المؤمنين وهو وجه سديد غريب لا تعسف فيه ويشهد له أيضا حذف إحدى النونين من أتحاجوني وتبشروني وتأمروني وتأمروني أعبد وعجبت من شيخنا أبي الحسن رحمه الله كيف لم ينقل هذا التعليل في شرحه مع كونه في إعراب النحاس وهو كثير الأخذ منه وقراءة الجماعة ننجي بنونين الثانية ساكنة وبتخفيف الجيم من الإنجاء وقبله ونجيناه من الغم بالتشديد جمعا بين اللغتين كما جمع بينهما في كثير من القرآن نحو ﴿ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ﴾
﴿ ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة ﴾