إلى الخبر عن أزواجهم والواجب عليهن من العدة، إذ كان معروفاً مفهوماً معنى ما أريد بالكلام، وهو نظير قول القائل في الكلام: بعض جبتك متخرقة في ترك الخبر عما ابتدئ الكلام به إلى الخبر عن بعض أسبابه، وكذلك الأزواج اللواتي عليهن التربص، لما كان إنما ألزمهن التربص بأسباب أزواجهن صرف الكلام عن خبر من ابتدأ بذكره إلى الخبر عمن قصدَ قصْدَ الخبر عنه".
وهو يعني أن الأرامل ألزمن التربص ومنعن من الزواج بسبب أزواجهن المتوَفّيْن، فترك الحديث عن هؤلاء المتوفين وصرف إلى الزوجات اللاتي سيقت الآية لبيان ما يجب عليهن".
وهو كلام جيد من ناحية معناه، ولكن بقيت المشكلة النحوية بدون حل.
ويعود الطبري فيعرض حلاً آخر فيقول:
"وقد زعم بعض أهل العربية أن خبر ﴿الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ﴾ متروك، وأن معنى الكلام... ينبغي لهن أن يتربصن بعد موتهم".
وليس هذا أيضاً حلاً نحوياً، إنما هو بيان للمعنى المقصود، والمعنى واضح ولكن المشكلة مشكلة تركيب وقواعد نحوية، وليس منها أن يحذف كل هذه الكلمات.
وقدر الزمخشري مضافاً محذوفاً في أول الجملة، واعتبر أصل التركيب: وأزواج الذين يتوفون.. يتربصن، وإذن فالنون في (يتربصن) تعود على المبتدأ المحذوف وهو (أزواج). وعَرَض توجيهاً آخر، فقدر محذوفاً في آخر الجملة لا في أولها. وقال: التقدير يتربصن بعدهم، وهذا كما يقال: السمن منوان بدرهم، أي منه.
وكلا التقديرين مقبول، فحذف المضاف مألوف، وحذف الظرف مألوف.