ذكر بعض أنواع العام على سبيل المثال : فقد يصعب أحياناً تعريف العام بالحد المطلق فيلجأ المفسر إلى التمثيل لهذا العام بذكر بعض أنواعه، وخذ مثلاً ما أُثر في تفسير قوله تعالى:" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات"(١)، حيث جاء فيه أن الظالم لنفسه أصحاب المشئمة، والمقتصد أصحاب الميمنة والسابق بالخيرات السابقون، وقيل: الظالم التالي للقرآن ولا يعمل به، والمقتصد التالي للقرآن ويعمل به والسابق التالي للقرآن العالم به ويعمل به، وقيل: الظالم الغافل عن الصلاة فيفوته الوقت والجماعة، والمقتصد لا يفوته الوقت ولكن تفوته الجماعة، والسابق يحافظ على الوقت والجماعة، وقيل: السابق الذي يدخل المسجد قبل تأذين المؤذن والمقتصد من يدخل المسجد بعد تأذين المؤذن، والظالم من يدخل بعد إقامة الصلاة، وقيل غير ذلك (٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع جميع الواجبات والمنتهك للمحرمات، والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات،.. ثم إن كلاً منهم – أي المفسرين – يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات ( كما تقدم فيما نقلناه عن القرطبي (٣)... فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره"(٤) قلت: وإذا نظرنا إلى النموذج الأول من نماذج الاختلاف في التفسير التي ذكرناها آنفاُ وجدنا الاختلاف فيها من هذا النوع، حيث كان تعدد الأقوال بذكر أنواع من النعم التي أنعم الله تعالى بها على بني إسرائيل على سبيل التمثيل.

(١) سورة فاطر - ٣٢
(٢) الجامع لأحكام القرآن القرطبي – ٣٠٢-٣٠٣/ ١٤ بتصرف
(٣) هذا من كلامي
(٤) مجموع الفتاوى – ١٨٠-١٨١/١٣


الصفحة التالية
Icon