سلب اللفظ القرآني مما يدل عليه ويراد به : ومثال ذلك ما تقدم معنا في النموذج الثالث والرابع من نماذج الاختلاف في التفسير(١)، حيث عمد المعطلة إلى سلب لفظ "استوى" ما يدل عليه من العلو وأوّلوه بالاستيلاء زوراً وبهتاناً انتصاراً لمذهبهم الفاسد في الصفات، وعمد المعتزلة إلى سلب لفظ " ناظرة " مما تدل عليه من الرؤية الحقيقية بالبصر كما هو مذهب أهل الحق فراراً من مصادمة ظاهر الآية ومعناها الصحيح لمذهبهم في عدم جواز الرؤية في الآخرة. وإذا عُرف هذا تبين أنه كلما جاء صاحب مذهب وعقيدة فاسدة ليفسر آية من القرآن الكريم خرج لنا برأي وتفسير يوافق هواه وينتصر لرأيه، فيحصل الاختلاف في التفسير وهو هنا اختلاف حقيقي متناقض ومتعارض وليس اختلاف تنوع كالذي مر معنا في التفسير بالمأثور.
(١) راجع المطلب الثالث من المبحث الأول