فإن لم يجد بحث في أقوال الصحابة فإن صحت فلها حكم المرفوع إذا كانت مما لا مجال للرأي فيه – كأسباب النزول – ولها حكم الموقوف على الصحابي فيما عدا ذلك ولكنها أيضاً حجة لقوة احتمال سماعها من الرسول ﷺ ولوفرة ما تهيأ للصحابة رضوان الله تعالى عليهم من أسباب فهم كتاب الله تعالى كشهود تنزيله وبيان النبي ﷺ لهم إياه وسلامة لغتهم ومعايشة ملابسات الوحي وغير ذلك.
مراعاة ما تقتضيه اللغة العربية خصوصاً معاني الألفاظ والتراكيب عند العرب وقت التنزيل، وعدم الخروج عن قواعد اللغة عند التفسير بالرأي.
مراعاة ما يقتضيه الشرع وما تدل عليه أصول الشريعة فلا يحكم بمجرد المعنى اللغوي بل يراعي ما يناسب مقاصد وأصول الشريعة، وأن هذا القرآن الكريم كلام الله تعالى أوحاه إلى نبيه ﷺ ليأمر الناس وينهاهم به وليخبرهم عن ربهم جل في علاه، فينبغي مراعاة ذلك.
ألا يخوض في ما استأثر الله تعالى بعلمه كالمشتبهات التي ليس إلى تحديد مرادها من سبيل سوى النقل ولا نقل.
ألا يقطع بأن ما توصل إليه بالرأي والتدبر والنظر هو مراد الله تعالى.
ألا يعتقد رأياً ويحمل آيات القرآن عليه، فلا يجعل هواه حكماً على القرآن بل العكس.(١)
فهذه لمحة موجزة عن التفسير بالرأي، وخلاصة أمره أنه تفسير قائم على الدراية، وهو – في نظري – جزء متمم للنوع الأول من التفسير القائم على الرواية، وباجتماعهما تكتمل حلة التفسير ما بين رواية قائمة على النقل الصحيح ودراية قائمة على تدبر العقل الصريح.
المطلب الثالث : وقوع الاختلاف في تفسير القرآن الكريم: