إن من المفيد قبل الاستطراد في هذا البحث أن نقرر وقوع هذا الاختلاف في التفسير حقيقةً، ليكون الكلام مبنياً على الواقع لا مجرد النظرية والاحتمال، وإن الأمثلة على اختلاف تفسير القرآن أكثر من أن تحصى، ولهذا أكتفي بعرض أربعة نماذج هاهنا، دون تفصيل في أسباب هذا الاختلاف فلهذا موضع آخر من البحث إن شاء الله، وفيما يلي هذه النماذج:
عند قراءة قوله تعالى :" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم "(١) نجد أن تفسير السلف لهذه النعمة جاء بأكثر من وجه، فعن مجاهد قال : فجّر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى، وأنجاهم من عبودية آل فرعون. وقال أبو العالية: نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل وأنزل عليهم الكتب. (٢)
في قوله تعالى :"اهدنا الصراط المستقيم"(٣) تعددت أقوال السلف رحمة الله عليهم فعن ابن مسعود أن " اهدنا الصراط المستقيم " هو الإسلام، وعن أبي العالية : هو النبي ﷺ وصاحباه من بعده، وعن علي – مرفوعاً وموقوفاً وفي كليهما ضعف – أنه كتاب الله تعالى.(٤)
في قوله تعالى :" الرحمن على العرش استوى"(٥)، نجد أن السلف يفسرون الآية بظاهرها الذي يدل عليه اللفظ بلا تكلف ولا تأويل غير سائغ، فيفسرون الاستواء بمعنى : علا، واستقر.
(٢) تفسير القرآن العظيم – ٣٣٠/١
(٣) سورة الفاتحة - ٦
(٤) تفسير القرآن العظيم – ٢٠٠-٢٠٢ بتصرف يسير جداً.
(٥) سورة طه - ٥