( ٤- الصافى فى تفسير القرآن (لملا محسن الكاشى) )
* التعريف بصاحب هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير هو محمد بن الشاه مرتضى بن الشاه محمود، المعروف بملا محسن، وبالفيض الكاشى، وأحد غلاة الإمامية الإثنا عشرية. قال صاحب روضات الجنَّات فى ترجمته ما ملخصه: "وأمره فى الفضل والفهم والنبالة فى الفروع والأصول، والإحاطة بمراتب المعقول والمنقول، وكثرة التأليف والتصنيف، مع جودة التعبير والترصيف، أشهر من أن يخفى فى هذه الطائفة على أحد إلى منتهى الأبد. وعمره كما استفيد لنا من تتبع تصانيفه الوافرة تجاوز حدود الثمانين. ووفاته بعد الألف من الهجرة الطاهرة بنيف يلحق تمام التسعين. وأبوه مرتضى المذكور أيضاً كان من العلماء، وكذا أخوه محمد المعروف بنور الدين، وكذا أخوه الآخر المشهور بالمولى عبد الغفور، وبالجملة: فقد كان بيته الجليل المرتفع قدره إلى ذروة الأفلاك، من كبار بيوتات العلم والعمل والفضل والإدراك. وأما نفس الرجل فقد بلغ فضله إلى حيث لم يُعرف بني هذه الطائفة مثله، وخصوصاً فى مراتب المعرفة والأخلاق، وتطبيق الظواهر بالبواطن بحسن المذاق، وجودة الإشراق، وكان يشبه مشربه مشرب أبى حامد الغزالى، وقد نسب إليه الشيخ على المشهدى العاملى فى ذيل رسالته فى تحريم الغناء وغيرها، كثيراً من الأقاويل الفاسدة، والآراء الباطلة والعاطلة، التى تفوح منها رائحة الكفر والمضارة بضروريات هذا الدين المتين، والمضادة لما هو من قطعيات علم هذا الشرع المتين، ولو أردنا تأويل جملة منها بمحامل وجيهة صحيحة لما أمكننا ذلك بالنسبة إلى ما تدل عليه ألفاظه الظاهرة بل الصريحة... من منافيات أصول هذه الشريعة وفروع مذهب الشيعة. مثل قوله بوحدة الوجود، وبعدم خلود الكفار فى عذاب النار، وعدم نجاة أهل الاجتهاد وإن كانوا فى جملة أجلائنا الكبار، وفى قوله بعدم منجسية المتنجس لغيره مثل النجس.. وبالجملة فقد كان رحمه الله دائماً فى طرف النقيض من الشيخ على المذكور... ومن جملة مَن كان ينكر عليه أيضاً كثيراً من علماء زمانه الفاضل المحدِّث المولى محمد طاهر القُمِّى صاحب كتاب حُجَّة الإسلام وغيره، وإن قيل إنه رجع فى أواخر عمره عن اعتقاده السوء فى حقه، فخرج من "قُم" المباركة إلى بلدة" كاشان" للاعتراف عنده بالخلاف، والاعتذار لديه بحسن الإنصاف، ماشياً على قدميه إلى أن وصل إلى باب داره، فنادى: يا محسن قد أتاك المسئ، فخرج إليه مولانا المحسن وجعلا يتصافحان ويتعانقان ويستحل كل منهما من صاحبه ثم رحل من فوره إلى بلده وقال: لم أرد من هذه الحركة إلا هضم النفس وتدارك الذنب وطلب رضوان الله العزيز الوهَّاب. ويقال أيضاً: إن بعض من اعتقد فى حقه الباطل رجع عنه بعد وفاته لما رآه فى المنام على هيئة سحسنة يأمره بالرجوع إلى بعض ما كتبه فى أواخر عمره وهو فى مكان كذا كذا، فلما استيقظ وطلبه وجده كما نسبه، وكان فيه تبرئة نفسه من جميع ما يُنسب إليه من أقوال الضلال... وقد ذكره صاحب أمل الآمل فقال: المولى الجليل، محمد بن مرتضى، المدعى بمحسن الكاشى، كان فاضلاً عالماً، حكيماً متكلماً، محدِّثاً فقيهاً، شاعراً أديباً، أحسن التصنيف، من المعاصرين، وله كتب: منها كتاب الوافى فى جمع الكتب الأربعة مع شرح أحاديثها المشكلة، وهو حسن إلا أن فيه ميلاً إلى بعض طريقة الصوفية، وكذا جملة من كتبه، وكتاب سفينة النجاة فى طريقة العمل، وتفاسير ثلاثة: كبير وصغير ومتوسط، وكتاب عَيْن اليقين، وكتاب علم اليقين، وكتاب حق اليقين.. وقال صاحب لؤلؤة البحرين: "وهذا الشيخ كان فاضلاً، محدِّثاً، إخبارياً، صلباً، كثير الطعن على المجتهدين، ولا سيما فى رسالة سفينة النجاة، حتى إنه يُفهم منها نسبة جملة من العلماء إلى الكفر فضلاً عن الفسق، مثل إيرادة الآية: ﴿يابُنَيَّ ارْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾.. وهو تفريط وغلو بحت، مع أن له أدلة من المقالات التى جرى فيها على مذهب الصوفية والفلاسفة مما يكاد يوجب الكفر والعياذ بالله، مثل ما يدل فى كلامه على القول بوحدة الوجود، وقد وقفتُ له على رسالة قبيحة صريحة فى القول بذلك، قد جرى فيها على عقائد ابن عربى الزنديق، وأكثر فيها من النقل عنه وإن عبَّر عنه ببعض العارفين. ثم قال: وقد تتلمذ فى الحديث على السيد ماجد البحرانى، وفى الحكمة والأصول على صدر الدين محمد ابن إبراهيم الشيرازى، كان صهره على ابنته، ولذا ترى أن كتبه فى الأصول كلها على قواعد الصوفية والفلاسفة. ولاشتهار مذهب التصوف فى بلاد العجم وميلهم إليه، بل وغلوهم فيه صارت إليه المرتبة العليا فى زمانه، والغاية القصوى فى أوانه، وفاق عند الناس جملة أقرانه. حتى جاء شيخنا المجلس فسعى غاية السعى فى سد تلك الشقائق الفاغرة، وإطفاء ثائرة البدع البائرة. وله تصانيف كثيرة أفرد لها فهرساً على حدة


الصفحة التالية
Icon