( نماذج من التفسير الصوفى النظرى له )
فى سورة نوح عند قوله تعالى فى الآية [٢٥]: ﴿مِّمَّا خَطِي؟ئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً﴾.. يقول: ﴿مِّمَّا خَطِي؟ئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ﴾ فهى التى خطت بهم فغرقوا فى بحار العلم بالله وهو الحيرة، ﴿فَأُدْخِلُواْ نَاراً﴾ فى عين الماء، ﴿فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً﴾ فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد".
وعند قوله تعالى فى الآيتين [٢٧، ٢٨] من سورة نوح أيضاً: ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُو؟اْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً * رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً﴾ يقول ما نصه: ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ﴾ أى تدعهم وتتركهم، ﴿يُضِلُّواْ عِبَادَكَ﴾ أي يحيروهم فيخرجوهم من العبودية إلى ما فيهم من أسرَار الربوبية، فينظروا أنفسهم أرباباً، بعدما كانوا عبيداً، فهم العبيد الأرباب، ﴿وَلاَ يَلِدُو؟اْ﴾ أي لا ينتجوا ولا يظهروا، ﴿إِلاَّ فَاجِراً﴾ أى مظهراً ما سُتِر، ﴿كَفَّاراً﴾ أى ساتراً ما ظهر بعد ظهوره، فيظهرون ما سُتِر فيهم، ثم يسترونه بعد ظهوره، فيحار الناظر، ولا يعرف قدر الفاجر فى فجوره، ولا الكافر في كفره، والشخص واحد، ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي﴾ أي استرنى واستر من أجلى، فيُجهَل مقامى وقدرى، كما جُهِل قَدركَ - ﴿وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ - ﴿وَلِوَالِدَيَّ﴾ كنت نتيجة عنهما، وهما العقل والطبيعة، ﴿وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ﴾ أى قلبى، ﴿مُؤْمِناً﴾ أى مصدِّقاً بما يكون فيه من الإخبارات الإلهية، وهو ما حدَّثت به أنفسهم، ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ من العقول، ﴿وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ من النفوس، ﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ من الظلمات أهل الغيب المكتنفين خلف الحُجُب الظلمانية، ﴿إِلاَّ تَبَاراً﴾ أى هلاكاً، فلا يعرفون نفوسهم وشهودهم وجه الحق دونهم".
وفى سورة النساء عند قوله تعالى فى الاية [٨]: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.. يقول "لأنه لا ينطق إلا عن الله، بل لا ينطق إلا بالله، بل لا ينطق إلا الله منه فإنه صورتُه".
* *