( نماذج من التفسير الإشارى له )
فى سورة الأعراف عند قوله تعالى فى الآيتين [٥٧، ٥٨]: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذالِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذالِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾..
نراه يذكر: أنه لما أدركته الفطرة التى لا بد منها لكل داخل فى الطريق، وتحكَّمت فيه، رأى الحق سبحانه، فتلا عليه هاتين الآيتين، قال: فعلمت أنى المراد بهذه الآية، وقلت: ينبه بما تلاه علينا على التوفيق الأول الذى هدانا الله به على يد عيسى وموسى ومحمد سلام الله عليهم جميعهم، فإن رجوعنا إلى هذا الطريق، كان بمبشرة على يد عيسى، وموسى، ومحمد عليهم السلام، ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ وهى العناية بنا، ﴿حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً﴾ وهو ترادف التوفيق، ﴿سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ﴾ وهو أنا، ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ - وهو ما ظهر علينا من أنوار القبول، والعلم الصالح، والتعشق به. ثم مثَّل فقال: ﴿كَذالِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ يشير بذلك إلى خبر ورد عن النبى ﷺ فى البعث - أعنى حشر الأجسام - من أن الله يجعل السماء تُمطر مثل مَنِّى الرجال.. (الحديث). قال: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ وليس سوى الموافقة والسمع والطاعة لطهارة المحل، ﴿وَالَّذِي خَبُثَ﴾ وهو الذى غلبت عليه نفسه والطبع، وهو معنى به فى نفس الأمر، ﴿لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً﴾ مثل قوله: "إن لله عباداً يُقادرون إلى الجِنَّة بالسلاسل"، وقوله فى الآية [١٥] من سورة الرعد: ﴿وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ فقلنا: طوعاً لا إلهنا".
وفى سورة الحج عند قوله تعالى فى الآيتين [٣٢، ٣٣]: ﴿وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.. نجده يُفسِّر: ﴿شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ فيقول: ﴿شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ أعلامه، وأعلامه الدلالة الموصلة إليه، ويُفسِّر قوله: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.. فيقول: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ﴾ وهو بيت الإيمان عند أهل الإشارات، وليس إلا قلب المؤمن الذى وسع عظمة الله وجلاله".
وفى سورة لقمان عند قوله تعالى فى الآية [١٦]: ﴿يابُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾.... الآية، نجده يُفسِّر قوله تعالى: ﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾.. فيقول: "أى عند ذى قلب قاس لا شفقة له على خلق الله. قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾.
* *