كما أنه شديد النفرة من الخوض فى الإسرائيليات، ولذلك عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٦٧] من سورة البقرة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾... الآية، نجده يقول: "المسألة الثانية: فى الحديث عن بنى إسرائيل: كثر استرسال العلماء فى الحديث عنهم فى كل طريق، وقد ثبت عن النبى ﷺ أن قال: "حَدِّثوا عن بنى إسرائيل ولا حَرَج" ومعنى هذا الخبر: الحديث عنهم بما يُخبرون به عن أنفسهم وقصصمهم، لا بما يُخبرون به عن غيرهم، لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة، وللثبوت إلى منتهى الخبر، وما يُخبرون به عن أنفسهم، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه، فهو أعلم بذلك، وإذا أخبروا عن شرع لم يلزمه قبوله، ففى رواية مالك عن عمر رضى الله عنه أنه قال: رآنى رسول الله ﷺ وأنا أمسك مصحفاً قد تشرَّمت حواشيه، قال: ما هذا؟ قلت: جزء من التوارة، فغضب وقال: "واللهِ لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعى".
* *
* نفرته من الأحاديث الضعيفة:
كذلك نجد ابن العربى شديد النفرة من الأحاديث الضعيفة، وهو يُحذِّر منها فى تفسيره هذا، فيقول لأصحابه بعد أن بيَّن ضعف الحديث القائل بأن رسول الله ﷺ توضأ مرة وقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به"، وتوضأ مرتين مرتين، وقال: "مَن توضأ مرتين مرتين أتاه الله أجره مرتين"، ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: "هذا وضوئى ووضوء الأنبياء من قبلى، ووضوء أبى إبراهيم"، يقول لهم بعد ما بيَّن ضعف هذا الحديث: "وقد ألقيتُ إليكم وصيتى فى كل ورقة ومجلس، أن لا تشتغلوا من الأحاديث بما لا يصح سنده...".
هذا والكتاب مطبوع فى مجلدين كبيرين، ومتداول بين أهل العلم.
* * *