وقوله صلوات الله عليه: "وحكمتى غزيرة" فعنى بالحكمة تأويل الكتاب الكريم ودور حقائقه وهى التى ذكرها الله تعالى فى آيات من الكتاب كثيرة بقوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾، وكرر ذكر الحكمة مع الكتاب فى آيات كثيرة، فالكتاب هو ظاهر القرآن الكريم، والحكمة تأويله ومعانيه... والغزارة التى ذكرها فى الحكمة هو يجيب على المسألة بسبعة أجوبة، وبسبعين، وبسبعمائة، كما ذكر ذلك مولانا الصادق صلوات الله عليه... وهذه الغزارة التى لا نهاية لها ولا حد، يحقق ذلك قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾.
* وقال عن قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَائِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: "إن حم الآية يعم جميع من تقلد عهد النبى والوصى والإمام، وأعطاه صفقة يمينه على الائتمار بأمره فرقات الدنيا فى عينه، واستهوته زخارفها فمال إليها، واستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير، فباع ما كان قد اشتراه من الله من الجنة الباقية بالدنيا الحقيرة الفانية، فباع ما كان قد اشتراه من الله من الجنة الباقية بالدنيا الحقيرة الفانية، وانسلخ من جملة مَن عناهم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ﴾، فلم يستحق لنكثه أن يكون له فى الآخرة خلاق ولا نصيب فى الخير، ولا يكلمه الله ولا أن ينظر إليه يوم القيامة ولا أن يزكيه، كما يستحق ذلك المؤمنون، بل خلّده بفعله فى عذاب أليم".