* وقال فى تفسير قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾... إلى آخر الآية: "جعل العقل الأول نور السموات والأرض... ثم قال: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾، فعنى بالمثل من قام مقامه فى عالم الطبيعة، وهو النبى صلى الله عليه وعلى آله، وكان ما اتصل به من الوحى وأيِّدَ به من التأييد ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ وهى الكوة، فأعلمنا سبحانه أن ما استفاد الناطق من المعارف الإلهية المضمنة فى الكتاب والشريعة هى - أعنى المناسك الوضعية للمعارف الإلهية - كالخزانة التى عنها تؤخذ، و ﴿فِيهَا﴾ توجد أنوار الملكوت التى كنّى عنها بالـ ﴿مِصْبَاحٌ﴾، وإن كانت تلك الموضوعات لا تعرف المعانى كما لا تشعر الكوة بالمصباح، ثم قال: ﴿الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾ فالمصباح كناية عن العلوم الإلهية، والزجاجة كناية عن الأئمة عليهم السلام، وتلك المعانى والمعارف هى الأنوار القدسية محيط بها الأئمة القائمون بها، يجمعونها ويحفظونها ولا يقارفونها، فتضئ ذواتهم بها وذوات غيرهم من أتباعهم الطالبين لها إحاطة القنديل وإضاءته لما حوله، وقوله تعالى: ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ كناية عن الوصى، فعنى أن الأئمة عليه وعليهم السلام فى استنباط المعارف الدينية والحكم النبوية كالوصى عليهم جميعاً السلام فيما انفتح له ظاهراً وباطناً من الحكم، واحتوى عليه من العلوم، وقوله: ﴿يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾، فالشجرة المباركة كناية عن النبى صلى الله عليه وعلى آله، فوصف الكوكب الُدرِّى بأنه يستنبط المعارف من وضائع الشجرة المباركة التى هى الناطق، وأن الأئمة عليهم السلام يشاكلونه فى استنباط ذلك وإن كانوا لا كهو فى الرتبة لكون مرتبة الوصاية مالكة لمرتبة الإمامة، وقوله: ﴿زَيْتُونَةٍ﴾ يعنى أن الأئمة بمثابة الزيتون الذى هو ثمرة تلك الشجرة، وقوله: ﴿لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ﴾ يعنى ليسوا فى رتبة النبوة التى هى الدعوة الظاهرة فيكون شرقية مثلها، ولا فى رتبة الوصاية التى لها الدعوة الباطنة فيكون غربية مثلها، بل شرقية غربية جميعاً بقيامهم مقامهما وحفظهم مكانهما، ولهم فى جمعهم وقيامهم بذلك مرتبتان هما الممثلان بالشرق والغرب، وقوله تعالى: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي؟ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ الزيت: ما خرج من الزيتون من دهنه وهو مثل الكلام والفوائد التى تؤخذ من الأئمة عليهم السلام، يقول: تكاد معرفتهم وكلامهم فى إفادتهم وتعليمهم وهدايتهم التى تخرج منهم لفظاً وإن لم يكن عن الوصى المشبهة بالنار تشبه معرفة كلام أولى الوحى، وقوله تعالى: ﴿نُّورٌ عَلَى نُورٍ﴾ يقول: يفتح منه أنوار علوم زيادة على زيادة بظهور إمام منهم عن إمام، وقوله: ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ﴾ يقول: وكل منهم فى زمانه قائم.... وقوله: ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ﴾ يقول: وهذا القائم.... ومقام رسوله يقيم خلفاء له فى الجزائر يدعون الناس إلى الله وإلى عبادته ومعرفته ما جاء به النبى صلى الله عليه وعلى آله، ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ﴾ يقول: وهذا القائم.... ومقام رسوله بكل شئ من أمور الدنيا وأمور القِبْلة، وأحكامها وما فيها من النجاة، عليم خبير لا يشتبه عليه شىء منه".
*وقال: "إن قسط الناطق تلاوة القرآن وبسط الشريعة، وقسط الوصى شرح التأويل وإيضاح الحقيقة".


الصفحة التالية
Icon