* ومثله أنه قرئ على أبى عبد الله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾، فقال أبو عبد الله: لقد سألوا الله عظيماً أن يجعلهم المتقين إماماً، فقيل له: يابن رسول الله، كيف نزلت هذه الآية؟ فقال: إنما نزلت: "الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذُرّياتنا قُرَّة أعين واجعل لنا من المتقين إماماً".
وقوله: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾، فقال أبو عبد الله: كيف يُحفظ الشىء من أمر الله؟ وكيف يكون المعقب من بين يديه؟ فقيل له: وكيف يكون ذلك يابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت: "له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله". قال: ومثله كثير".
* ثم ذكر ما هو محرَّف فى القرآن، وذكر من أمثله ذلك قوله: لكن الله يشهد بما أنزل إليك فى علىّ" - كذا أنزلت - "أنزله بعلمه والملائكة يشهدون".
وقوله: "يا أيها الرسول بَلِّغ ما أُنزِل إليك من ربك فى علىّ فإن لم تفعل فيما بلَّغتَ رسالته".
وقوله: "إنَّ الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم".
وقوله: "وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أى منقلب ينقلبون".
وقوله: "ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم فى غمرات الموت"... قال: ومثله كثير نذكره فى مواضعه".
* ثم ذكر أنّ بعض الآيات فى سورة وتمامها فى سورة أخرى، فقوله فى سورة البقرة فى قصة بنى إسرائيل "حين عبر بهم موسى البحر وأغرق الله فرعون وأصحابه وأنزل موسى بنى إسرائيل (هكذا) وأنزل عليهم المن والسلوى فقالوا لموسى: ﴿لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾، فقال لهم موسى: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ﴾، فقالوا له: ﴿يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾، فنصف الآية فى سورة البقرة، ونصفها فى سورة المائدة".
وقوله: ﴿اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾، فرد عليهم: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾، فنصف الآية فى سورة الفرقان ونصفها فى سورة العنبكوت، قال: ومثله كثير نذكره فى مواضعه إن شاء الله".
* ثم ذكر أن فى القرآن رداً على الزنادقة والثنوية وعبدة الأوثان والدهرية والمعتزلة و... و... و... ، وعلى مَن أنكر الرجعة، وهنا عرض لقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾، فروى عن حماد عن أبى عبد الله قال: ما يقول الناس فى هذه الآية: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾، يقولون إنها فى القيامة؟ قال: ليس كما يقولون، إنَّ ذلك فى الرجعة، يحشر الله فى القيامة من كل أمة فوجاً ويدع الباقين؟ إنما آية يوم القيامة قوله: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾، وقوله: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾، فقال الصادق عليه السلام: كل قرية أُهْلِك أهلها بالعذاب لا يرجعون فى الرجعة، وأما فى القيامة فيرجعون، والذين محضوا الإيمان محضاً وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً يرجعون".
"وروى عن أبى عبد الله فى قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾، قال: ما بعث الله نبياً من لدن آدم إلا ويرجع إلى الدنيا فينصر أمير المؤمنين وهو قوله: "لتؤمنن به" يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ولتنصرنه" يعنى أمير المؤمنين".
"وروى عن معمر بن شمر قال: ذُكِر عند أبى جعفر عليه السلام جابر فقال: رحم الله جابراً، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، يعنى الرجعة، قال: ومثله كثير نذكره فى مواضعه".
وفى خاتمة الكتاب ذكر أبواباً هى:
الباب الأول: فى أنَّ المعوذتين من القرآن.
والباب الثانى: فى رد متشابه القرآن إلى تأويله، وساق أمثلة كثيرة من الآيات التى توهم الاختلاف والتناقض ووفَّق بينها بما يتفق مع اللغة والشرع تارة وبما يتفق مع مذهبه الشيعى تارة أخرى.