( ٣- الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى )
* الأستاذ المراغى فى مدرسة الشيخ محمد عبده:
لم نعرف من رجال هذه المدرسة رجلاً تأثر بروح الأستاذ الإمام، ونهج على طريقته من التجديد واطراح التقليد، والعلم على تنقية الإسلام من الشوائب التى أُلصقت به، وتنبيه الغافلين عن هَدْيه وإرشاده، مثل الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى عليه رحمة الله ورضوانه.
تربَّى هذا الرجل فى مدرسة الأستاذ الإمام، وتخرَّج منها وهو يحمل بين جنبيه قلباً مليئاً بالرغبة فى الإصلاح، والثورة على كل ما يقف فى سبيل الإسلام والمسلمين.
هذا القلب الفتى، العامى بما فيه من حب للخير ورغبة فى الإصلاح، دفع بالرجل إلى ميدان الحياة الاجتماعية، وترقَّى به فى مراتب المناصب الدينية، وأخيراً وقف به عند الغاية، فإذا بالرجل شيخاً للأزهر، وإذا بروح الإصلاح والتجديد تتدفق من فوق منبره، وعلى قلوب طُلابه وغير طُلابه، ثم تنساب جارفة إلى نواح من الحياة المختلفة، فتعمل فيها عمل السحر، والحياة والنور.
لم يلازم الشيخ المراغى أستاذه الإمام ملازمة طويلة كما لازمه الشيخ رشيد، ولم يجلس إليه كثيراً مثلما جلس، ولكنه كان على رغم ذلك أعمق أثراً وأكثر تحقيقاً لما تهدف إليه هذه المدرسة من ضروب الإصلاح وصنوف التجديد، والسر فى ذلك - كما يظهر لنا - هو تقلب الشيخ فى مختلف المناصب الدينية الكبيرة، ثم ما كان فيه من جاذبية وقدرة على استجلاب قلوب سامعيه واستمالتها إليه، مما أجلس بين يديه الملك، والأمير، والوزير، والشيخ الكبير، والطالب الصغير، ورجل الشارع.
جلس هؤلاء جميعاً يستمعون إليه ويأخذون عنه، فكان الميدان فسيحاً أمام الشيخ، يلقى فيه بآرائه وأفكاره، فتجد الدعوى قبولاً من مستمعيه، ورواجاً عند مريديه.. ثم لا تلبث أن تنتشر فتعم كل شىء.
وإذا كان كتاب الله هو الدستور الذى شرعه الله تعالى للأُمة الإسلامية، وجعل فيه خيرها وسعادتها فى الدنيا والآخرة، فِلمَ لا يكون هو الباب الذى يصل منه الشيخ إلى ما يرجوه من خير، وما يهدف إليه من إصلاح.
* *
* إنتاجه فى التفسير:
طرق الشيخ هذا الباب، فعقد دروساً فى تفسير القرآن الكريم، استمع إليها الكثير من الناس على اختلاف طبقاتهم، من الملك إلى رجل الشارع كما قلت، وأُذيعت هذه الدروس أيضاً فى كثير من ممالك الأرض، ودول الإسلام، وأخيراً طُبعت هذه الدروس، ووُزِعَّت على الناس ليعم نفعها، ويزداد أثرها.
لم تكن هذه الدروس على شىء من الكثرة، ولم يكن مقدار ما تناولته من آيات القرآن بالمقدار الكبير، الذى كنا نرغب ونطمع فى أن تُزَوَّد به المكتبة الإسلامية.
نعم.. لم تتناول هذه الدروس من آيات القرآن إلا مقداراً قليلاً، وإذا نحن ذهبنا نستقصيه فإنَّا لا نجده أكثر من شرحه لقوله تعالى فى الآية [١٧٧] من سورة البقرة: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾... إلى قوله: ﴿أُولَائِكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات [١٣٣ - ١٣٨] من سورة آل عمران: ﴿وَسَارِعُو؟اْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ﴾... إلى قوله: ﴿هَاذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيتين [١٣، ١٤] من سورة الشورى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً﴾... إلى قوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات [١٥١ - ١٥٣] من سورة الأنعام: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾... إلى قوله: ﴿ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات [١٨٣ - ١٨٦] من سورة البقرة: ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾.... إلى قوله: ﴿وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات [٢٤ - ٢٩] من سورة الأنفال: ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾... إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
وشرحه لسورة الحجرات، وشرحه لسورة الحديد، وشرحه لسورة لقمان.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات [١٦٠ - ١٦٥] من سورة الأنعام: ﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾.... إلى آخر السورة.
وشرحه لقوله تعالى فى الآيات ﴿١٩٩ - ٢٠٦] من سورة الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾... إلى آخر السورة.


الصفحة التالية
Icon