( ٢- الزيدية )
( الجارودية )
أصحاب أبى الجارود، زعموا أنّ النبى ﷺ نص على علىّ كرَّم الله وجهه بالوصف دون التسمية، والإمام بعده علىّ، والناس قصَّروا حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف، وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك.. وقد خالف أبو الجارود فى هذه المقالة إمامه زيد بن علىّ، فإنه لم يعتقد بهذا الاعتقاد.
واختلف الجارودية فى التوفيق والسوق، فساق بعضهم الإمامة من علىّ إلى الحسن ثم الحسين ثم إلى علىّ بن الحسين زين العابدين ثم إلى زيد بن علىّ ثم منه إلى الإمام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين وقالوا بإمامته.
وكان أبو حنيفة رحمه الله على بيعته ومن جملة شيعته حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه حبس الأبد حتى مات فى الحبس، وقيل: إنه إنما بايع محمد ابن عبد الله الإمام فى أيام المنصور، ولما قُتِل محمد بالمدينة بقى الإمام أبو حنيفة على تلك البيعة يعتقد موالاة أهل البيت، فرُفِع حاله إلى المنصور فتم عليه ما تم.
والذين قالوا بإمامة محمد الإمام اختلفوا، فمنهم مَن قال: إنه لم يُقتل وهو بعد حى وسيخرج فيملأ الأرض عدلاً، ومنهم مَن أقرّ بموته وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علىّ بن الحسين بن علىَ صاحب الطالقان، وقد أُسِر فى أيام المعتصم وحُمل إليه فحبسه فى داره حتى مات.
ومنهم مَن قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة، فخرج ود ودعى الناس واجتمع عليه خلق كثير، وقُتِل فى أيام المستعين وحُمِل رأسه إلى محمد بن عبد الله بن ظاهر، حتى قال فيه بعض العلوية:
*قتلتَ أعزُّ مَن ركب المطايا * وجئتك أستلينك فى الكلام*
*وعزَّ علىَّ أنَّ ألقاق إلا * وفيما بيننا حد الحسام*
وهو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين زيد بن علىّ.
وأما أبو الجارود، فكان يسمى "سرحوب"، سماه بذلك أبو جعفر محمد ابن علىّ الباقر رضى الله عنه، وسرحوب شيطان أعمى يسكن البحر، قاله الباقر تفسيراً.
ومن أصحاب أبى الجارود: فضيل الرسان، وأبو خالد الواسطى، وهم مختلفون فى الأحكام والسير، فزعم بعضهم أنّ علم ولد الحسن والحسين رضى الله عنهما كعلم النبى صلى الله عليه وسلم، فيحصل لهم العلم قبل التعلم فطرة وضرورة، وبعضهم يزعم أنّ العلم مشترك فيهم وفى غيرهم، وجائز أن يؤخذعنهم وعن غيرهم من العامة.