وبذلك انبعثت في البلاد العراقية، بعد استقرار الحكم العثماني بيئة علمية تكتسي بهذه الصبغة، تأصلت ورسخت على توالي الأجيال، وقويت بالاستناد إلى مناطق داخلية في البلاد العثمانية: مثل بلاد الشام، ومناطق خارجية: مثل البيئات السنية في البلاد الأعجمية، بإيران وأفغانستان والهند، فعادت بذلك مدينة بغداد إلى أهميتها الثقافية، وقامت الدروس، وعمرت المجالس وشاعت الطريقة التدريسية التي انبثت في القرن الحادي عشر بأطراف العالم الإسلامي، وازدهرت في القرن الثاني عشر. ارتكزت تلك البيئة الناشئة على العقيدة الأشعرية والمذهب الحنفي على نحو ما ألف بينهما العلامة سعد الدين التفتازاني وعلى مزج السنة بالتصوف على نحو ما سلك الجنيد والغزالي والجيلي والشاذلي وبهاء الدين النقشبند.