هذا وما ذكره الشيخ الفاضل عن هذا الموقف، ذكره أستاذنا محمد الخضر حسين في ترجمة أستاذه عمر بن الشيخ، وقد تلاقى الشيخان في بعض التراجم الخاصة بكبار التونسيين، ومن بينهم عمر بن الشيخ، ومحمد العزيز بوعتور، وأحمد الورتاني، ومحمد بن الخوجه، وذلك فيما كتبه الخضر في كتابه (تونس وجامع الزيتونة) والخضر أستاذ الفاضل، وصديق والده الحميم، وأسلوبه في كتابه يميل إلى الإيجاز لا الإطناب.
وقد وجدت الفاضل يتحدث مطيلاً عن الشاعر الرائد المصلح (محمود قابادو) في مطلع كتابه (أركان النهضة الأدبية بتونس) (١) فيعده شاعراً بليغاً طويل النفس يغوص على حقائق الوجود التي لم يكن غيره يحوم عليها، فيبرزها في أروع القوالب البيانية وأبدعها، ثم لا يذكر له بيتاً واحداً مما قال! أما الأستاذ الخضر فقد احتفل بشعر الرجل، واستشهد بأكثر من ستين بيتاً من شعره من مناسبات شتى وذلك في مقالة (نظرة في أدب الشيخ محمود قابادو التونسي) فوفاه حقه، وبحث الشيخ الفاضل في حاجة إلى الاستشهاد ليقدم للقارئ ما يقنعه ويرضيه.
وإذا شاهدنا بعض الاقتضاب في الحديث عن نفر من المترجمين، فهذا شئ مألوف لدى الدارسين، لأن الباحث لا يجد المصدر الوافي في كل ما يتجه إليه بالحديث، فقد يعرف مكانة علم من الأعلام، ولا يجد من أخباره أو آثاره ما يشفي غلته، ويعز عليه أن يتركه دون كلمة عابرة، فيأتي بما لديه على قصوره، وقد أحسن بذلك لأنه يفتح الطريق لباحث تال يرى أن يتابع البحث ليضيف الجديد.

(١) ١ أركان النهضة، ص٧.


الصفحة التالية
Icon