وذلك ما يرجع إلى الأخبار المتعلقة بكل جزء من أجزاء القرآن: بتعيين تاريخه، ومحله، وتصوير الحادثة التي اتصلت به، وهي المعارف التي تسمى " أسباب النزول " وما هي إلا مناسبات، لا أسباب حقيقية. وإن سميت أسباباً على طريق التسامح والتجوز، فإن العلماء متفقون على أن ما يدل عليه الكلام القرأني، هو الذي يؤخذ به، على ما في دلالته من شمول واتساع، لا يضيق منهما مراعاة الملابسات الظرفية التي اتصلت بتاريخ نزوله وهو معنى قول علماء أصول الفقه: " إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ".
فمن هذه الجهة أصبحت لفهم القرآن حاجة إلى علوم أثرية نقلية هي من علوم الرواية (١) لا من علوم الدراية (٢)، تتصل بعلم الحديث وعلم السيرة، وترجع إلى ضبط تواريخ النزول، وعلاقات تلك التواريخ بمواقف من حياة النبي ــ ﷺ ــ، ومواقعها من نسبة بعضها لبعض بالتقدم والتأخر، ومواقعها من تفاصيل الأحوال العامة والخاصة التي اتصلت بها.
فكان ذلك عنصراً أثرياً نقلياً يرتبط بأخبار السنة والسيرة هو أحد عنصري التفسير الذي نشأت الحاجة إليه من السبب الأول من السببين.

(١) ١ علوم الرواية في مصطلح الحديث: هي المادة المتصلة بألفاظ الحديث.
(٢) ٢ وعلوم الدراية: هي المادة المتصلة بأحوال الرواة.


الصفحة التالية
Icon