فإن الطبري عندما ينتصب للقول في تأويل الآية يسردها ثم يقول: "يعني تعالى بذلك" ويفصح ببيانه عن المعنى المراد معتمداً ربط السياق والعود بمراجع الكلام إلى معاقدها الواردة في مواضع أخرى من القرآن العظيم، ومتمسكاً بما يدور عليه المعنى من دلالة المفردات اللغوية على المعاني التي هي مستعملة فيها، ببيان المعنى الأصلي للمفرد، والمعنى المنقول إليه، مع بيان مناسبة النقل، والاستشهاد بالشعر العربي، على ما يثبت استعمال اللفظ في المعنى الذي حمله عليه، ويكون في ذلك جازماً غير متردد، مستقلاً غير مقلد ثم ينتقل إلى دعم ما ذهب إليه بما ينقل عن المتكلمين في التفسير من قبله، فيُعنون بقوله: "ذكر من قال بذلك"، ويورد الأسانيد مسلسلة عن شيوخه: ابن المثنى أو أبي ركيب أو محمد بن بشار أو يونس بن عبد الأعلى أو غيرهم إلى ذوي القول في التفسير بالمأثور من الصحابة أو من موثقي التابعين: مثل مجاهد والحسن البصري، أو ممن دونهم مثل السُدي أو وهب بن منبه، فإذا كان المتفق عليه من بين تلك الأخبار شيئاً واحداً يؤيد المعنى الذي ابتدأ بتقريره، اكتفى بذلك، وربما جعل ابتداء سوق الأسانيد قوله: "وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل"، وإذا كان المعنى غير متفق عليه يقول: "وبما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل"، فأورد الأسانيد عنهم، وإذا كان الأمر راجعاً إلى اختلاف في تعيين فهم لا يتوقف على تعيينه المعنى أشار إلى الخلاف في ذلك بعد تقرير المعنى الذي لا يختلف باختلاف تقدير المعنيين، ففصل الأقوال وأورد على كل قول منها ما يثبت عزوه من الأسانيد، ثم يعقب ذلك كله ببيان أن ليس له غناء في فهم معنى الكلام، ولا تأثير في اختلاف تقديره.
ففي قوله تعالى:
﴿ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ﴾ (البقرة : ٢٣٢)


الصفحة التالية
Icon