وقد ثبت ضبط التاريخ الذي ألف فيه الزمخشري تفسيره وهو سنة ٥٢٨هـ كما نص على ذلك هو نفسه في نهاية الكتاب، ولم يثبت نص على تاريخ تأليف ابن عطية تفسيره، ولكن الذي يستفاد من مقارنة العمرين أن تفسير الزمخشري ألف وسن ابن عطية ستة وأربعون عاماً، وهو مكتمل الأشد، تام التكون العلمي، شهير المنزلة، فلا يمكن أن يفرض أنه تخرج بالزمخشري، أو بني على تفسيره، لا سيما إذا لاحظنا ما أثبته ابن الآبار في ترجمة ابن عطية: أنه كان، في آخر دولة المرابطين، كثير الخروج للغزو في جيوشهم. وذلك يرجح أن يكون تأليف تفسيره قبل هذا الدور الأخير من دولة المرابطين، الذي هو الدور الأخير من حياة ابن عطية، إذ كان تاريخ وفاته سنة ٥٤٢هـ عين تاريخ انتهاء دولة المرابطين بالأندلس، وقد أفاد ابن الآبار أيضاً بشأن تفسير ابن عطية: أن الناس كتبوه كثيراً، وسمعوه منه، وأخذوه عنه، وذلك يقتضي مدة طويلة من حياته مضت بعد تأليف التفسير حصلت فيها كثرة الرواة بتتابع الطبقات، فلذلك لا نفترض أن أحد هذين المفسرين اعتمد على تفسير الآخر واغترف منه بل نجزم بأنهما اعتمدا على أصول مشتركة واغترفا من منابع متحدة، وذلك ما يسمح لنا بأن نضم أحد التفسيرين إلى الآخر على معنى المقارنة والموازنة بين أثرين مستقلين متحدين في الموضوع والمنهج والعصر.
***
الكشاف