وهو عربي قرشي من سلالة سيدنا أبي بكر الصديق، نشأ في البلاد الأعجمية وعاش فيها. استقرت أسرته أولاً بطبرستان، وكان مولده في مدينة الري، وهي العاصمة الكبرى يومئذ، لبلاد العراق العجمي شرقي سلسلة الجبال الإيرانية الكبرى.
وقد بادت الآن، وتوجد خرائبها على مقربة من مدينة طهران عاصمة إيران.
وينسب إلى مدينة الري كثير من مشاهير العلماء في فنون الثقافة الإسلامية، وصيغة النسب إليها (الرازي على خلاف القياس).
ولذلك كثيراً ما يخطئ بعض الكاتبين فيحسبون كلمة الرازي لقباً لشخص واحد، فربما اختلط عليهم أبو بكر الرازي الفقيه الحنفي، المعروف بالجصاص، بأبي بكر بن زكريا الرازي عالم الطب والكيمياء، وبمترجمنا الإمام فخر الرازي.
تنقل الإمام فخر الدين في البلاد الأعجمية من الري إلى خراسان، إلى خيوة وبخارى، وعامة بلاد ما وراء النهر ودخل البلاد العربية: العراق والشام، كما استفدنا ذلك من تفسيره وإن لم ينص عليه أحد من مترجميه.
وكان أكثر استقراره وتدريسه بخوارزم وهي مدينة خيوة شرقي بحيرة قزوين، ثم استوطن مدينة هراة من البلاد الأفغانية وكانت وفاته فيها.
واكتمل حظه من مواد الثقافة الإسلامية فنشأ محلقاً في أفقها بجناحين: من اللغة العربية واللغة الفارسية، إذ أجادهما وتمرس بآدابهما، واكتملت ملكته البيانية فيهما، قال ابن خلكان: "له اليد البيضاء في الوعظ باللسانين العربي والفارسي".


الصفحة التالية
Icon