وقد كتب في وصيته التي أملاها عند احتضاره: "لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك الحقائق العميقة، والمناهج الخفية".
وعلى هذا الأساس من إبراز حكمة القرآن والبرهان على سموها وأمن مسلكها أقام فخر الدين الرازي تفسيره الكبير.
***
تفسير الإمام الرازي
آمن فخر الدين الرازي بفكرة أشهر بها قلبه وهام بها لبه، وهي أن الحكمة القرآنية أسمى وأسلم من جميع الطرائق الكلامية، والمذاهب الفلسفية فانطلق يقرر فكرته للناس، وينادي بها على روؤس الأشهاد. متحدياً أهل المعارف الطبيعية والفنون الفلسفية، بأن الذي اندرج في القرآن العظيم من علومهم وفنونهم، هو أعلى وأصلح مما يخوضون فيه، ويتهافتون عليه.