وإن الإنسان لو ترك تلك العوالم واقتصر على أن يحيط علمه من هذا العالم فقط، بعجائب المعادن، واقتصر على عجائب أحوال النبات، وعجائب أقسام الحيوانات لنفذ عمره في أقل القليل من هذه المطالب، فلا ينتهي إلى غورها، مع أن ذلك كله بعض قليل مما يندرج تحت قوله: ﴿ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ﴾ وانتهى من هذه البراهين التمهيدية إلى أن سورة الفاتحة مشتملة على مباحث لا نهاية لها، وأن القول بأن تلك المباحث عشرة آلاف ليس إلا تقريباً للأفهام من السامعين، لأنها فوق ذلك بكثير.
وبعد تأصيل تلك القواعد المبدئية، تناول سورة الفاتحة، مبتدئاً بتفسير الاستعاذة والبسملة. ومتتبعاً السورة بالتحليل وتقليب الأوجه، وبيان معاقد المعاني وطرق استنباطها، حتى أخرج في تفسير سورة الفاتحة وحدها كتاباً جليلاً.
وبالانتهاء من هذا الكتاب المخصوص بسورة الفاتحة شرع في تأليف كتاب آخر في تفسير سورة البقرة، على تلك الطريقة نفسها، ثم اطرد ينتقل من سورة إلى سورة على ترتيب المصحف الشريف جاعلاً تفسير كل سورة كتاباً مستقلاً، وسائراً في تفسير السور كلها على المنهج الذي وضعه في تفسير سورة الفاتحة، وكأنه استغنى بالمقدمات التي مهد بها لتفسير سورة الفاتحة عن العود إلى بيان منهجه فكان يتناول كل سورة افتراعاً، مبتدئاً ببيان الفوائد المستنبطة من أول كلام فيها. غير أنه في أثناء سورة الأعراف، لما بين تفسير قوله تعالى:
﴿ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ﴾
(الأعراف : ٥٤)


الصفحة التالية
Icon