وكذلك سورة يونس وسورة هود وسورة يوسف وسورة الرعد وسورة إبراهيم وسورة الحجر، وبانتهاء سورة الحجر انقطعت تلك العادة فلم يرد في آخر سورة بعدها، من سورة النحل إلى سورة الناس تاريخ الانتهاء من سورة منها، وكان آخر تلك التواريخ شهر رمضان سنة ٦٠١هـ أي قبل وفاة الإمام الرازي بخمس سنين. ويظهر من صريح التواريخ التي ثبتت فيما ثبتت فيه من السور أنه لم يكن متبعاً في تفسير السور، سابقها ولاحقها، ترتيبها في المصحف، إذ كان تاريخ الانتهاء من سورة الأنفال وسورة التوبة رمضان سنة ٦٠١هـ وتاريخ الانتهاء من سورة يونس وهود بعدها شهر رجب، وتاريخ الانتهاء من سورة يوسف والرعد وإبراهيم، وهي متأخرة، شهر شعبان، وقد اختصت الأربع السور الوسطى منها وهي يونس وهود ويوسف والرعد ببث المؤلف عظيم أحزانه لحدث جلل نزل به وهو وفاة ولده.
وأول ما ابتدأ هذا البث في ختم سورة يونس إذ قال: "يقول جامع الكتاب: ختمت تفسير هذه السورة يوم السبت من شهر الله الأصم رجب سنة إحدى وستمائة وكنت ضيق الصدر كثير الحزن بسبب وفاة الولد الصالح محمد أفاض الله على روحه وجسده أنوار المغفرة والرحمة وأنا ألتمس من كل من يقرأ هذا الكتاب وينتفع به من المسلمين، أن يخص ذلك المسكين بالدعاء والرحمة والغفران والحمد لله رب العالمين، وصلاته على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين".
فلم يزل يردد بثه وحزنه لذلك المصاب مسترحماً مستغفراً في أثناء السور وفي خواتمها منشداً الأشعار في رثائه ملحاً في سؤال المطالعين الدعاء للوالد والولد.
وكذلك شأنه في غير موضع من تفسيره يذكر من أحواله في مناظراته ورحلاته ويشير إلى خصائصه، من اسمه واسم ابيه وظروف حياته، ما يطور شيئاً كثيراً من سيرته ولا يبقي شكاً في أن صاحب ذلك التفسير هو الإمام محمد بن عمر الرازي، فقد سمى نفسه في أثناء سورة الأعراف عند قوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon