وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ ١ إِلَى آخرهَا"٢.
وَأورد الإِمَام الشاطبي من الْآيَات أَيْضا مَا يؤيّد هَذَا الِاعْتِرَاض٣.
ثمَّ قَالَ: "فَالْجَوَاب إِن مَا اعْترض بِهِ غير صَاد عَن سَبِيل مَا تقدم، وَعنهُ جوابان: إجمالي وتفصيلي:
فالإجمالي أَن يُقَال: إِن الْأَمر الْعَام والقانون الشَّائِع هُوَ مَا تقدّم، فَلَا تنقضه الْأَفْرَاد الْجُزْئِيَّة الأقلية؛ لِأَن الْكُلية إِذا كَانَت أكثرية فِي الوضعيات انْعَقَدت كُلية، واعتمدت فِي الحكم بهَا وَعَلَيْهَا، شَأْن الْأُمُور العادية الْجَارِيَة فِي الْوُجُود، وَلَا شكّ أَن مَا اعْترض بِهِ من ذَلِك قَلِيل، يدل عَلَيْهِ الاستقراء، فَلَيْسَ بقادح فِيمَا تأصل.
وَأما التفصيلي: فَإِن قَوْله: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ ٤ قَضِيَّة عين فِي رجل معِين من الْكفَّار، بِسَبَب أَمر معِين، من همزه النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وعيبه إيَّاه، فَهُوَ إِخْبَار عَن جَزَائِهِ على ذَلِك الْعَمَل الْقَبِيح، لَا أَنه أُجري مجْرى التخويف، فَلَيْسَ مِمَّا نَحن فِيهِ. وَهَذَا الْوَجْه جَار فِي قَوْله: ﴿كَلا إِنَّ الأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ ٥... وَكَذَلِكَ سُورَة وَالضُّحَى، وَقَوله: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ ٦ غير مَا نَحن فِيهِ، بل هُوَ أَمر من الله للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بالشكر لأجل مَا أعطَاهُ من الْمنح"

١ - سُورَة الشَّرْح، الْآيَة: ١.
٢ - انْظُر الموافقات (٤/١٧٢).
٣ - انْظُر الْمصدر نَفسه (٤/١٧٢ - ١٧٥).
٤ - سُورَة الْهمزَة، الْآيَة: ١.
٥ - سُورَة العلق، الْآيَة: ٦، ٧.
٦ - سُورَة الشَّرْح، الْآيَة: ١.


الصفحة التالية
Icon