المبحث الثَّانِي: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ
يعرف أَبُو إِسْحَاق مَا لهَذَا النَّوْع من تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم من أهمية، وَلِهَذَا حرص أَن يشْرَح بِهِ الْآيَات الَّتِي احْتَاجَ إِلَى تَفْسِيرهَا فِي مؤلفاته، وَقد احتوت مؤلفاته على الشَّيْء الْكثير من هَذَا، خُصُوصا فِي كِتَابه الموافقات، وَلَكِن بِمَا أَن الْفَصْل الثَّانِي كَانَ الِاعْتِمَاد فِيهِ على كتاب الموافقات، فَسَوف نحرص فِي هَذَا الْفَصْل أَن يكون أَكثر الِاعْتِمَاد فِيهِ على غَيره من كتب أبي إِسْحَاق الشاطبي؛ ليتبين للقارئ أَن كتب هَذَا الإِمَام مشحونة بالتفسير وعلوم الْقُرْآن.
(١) قَالَ رَحمَه الله عِنْد قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ …﴾ ١الْآيَة -: "وَصَحَّ عَنْهَا (يَعْنِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا) أَنَّهَا قَالَت: سُئل رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن هَذِه الْآيَة: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ... ﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: "إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ، فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم٢" ٣.
ثمَّ أَطَالَ - رَحمَه الله - بِذكر الرِّوَايَات الَّتِي جَاءَت عَن الرَّسُول - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي بَيَان معنى الْآيَة٤.

١ - سُورَة آل عمرَان، الْآيَة: ٧.
٢ - أخرجه الإِمَام البُخَارِيّ فِي صَحِيحه - مَعَ الْفَتْح - (٨/٢٠٩)، كتاب تَفْسِير الْقُرْآن، بَاب (مِنْهُ آيَات محكمات) ح (٤٥٤٧) وَفِيه: "تَلا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - هَذِه الْآيَة" بدل "سُئل رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن هَذِه الْآيَة".
٣ - الِاعْتِصَام (١/٧٠، ٧١).
٤ - انْظُر الْمصدر نَفسه (١/٧٠ - ٧٤).


الصفحة التالية
Icon