كثير من تسميات السور مرجعها إلى افتتاحها بذلك الأمر الذي سميت به، ولذلك نظائر في شعر العرب؛ كتسميتهم قصيدة كعب بن زهير(١): (بانت سعاد) لافتتاحها بها، وتسمية قصيدة امرئ القيس(٢): ب(قفا نبك)، تسميةَ الكل باسم أوله؛ لشهرة الأول وخفته وتداوله لكونه أول ما يفاجئه، وعلى هذا كثير من أسماء السور. وكذلك فإن طول شأن الاسم في السورة وإن لم يكن في أولها، من دواعي التسمية به، أو مناسبة الاسم لأول السورة لكون الأول كالترجمة لباقي السورة، وكأنهم يلفتون إلى علاقة اسم السورة بمطلعها الذي يقوم باقي السورة بتفصيله(٣)، حيث يتم في العنوان الإشارة إلى المحتوى على اعتبار أنه اعتصار واختصار مكثف للنص القادم(٤).
وأكثر من اهتم بالمناسبة بين الاسم والموضوع هو الإمام البقاعي، وهو القائل بأن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها، إذ اهتدى إلى هذه القاعدة بعد وصوله إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائه في تفسير نظم الدرر(٥)، وحيث إنه قد ألزم نفسه أن يذكر مقصود كل سورة من خلال اسمها فإن من الطبيعي أن لا يحالفه التوفيق في جميع اجتهاداته، دون أن ننتقص من قيمة الجهود التي بذلها، والنظرية التي اكتشفها.

(١) …هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني،( ت٢٦هـ)، الشاعر المشهور، صحابي معروف، أنشد قصيدته ( بانت سعاد)، فأعطاه الرسول بردته. [ أسد الغابة ٣/٥٢٨، الأعلام، ٥/٢٢٦].
(٢) …امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، ( ت ٨٠قهـ)، يماني الأصل كان أبوه ملك أسد وغطفان.[ الأعلام، ٢/١١-١٢].
(٣) …ابن عقيلة المكي، الزيادة والإحسان في علوم القرآن، ( ١/٢٩٢-٢٩٤).
(٤) …مالكي، فرج عبد الحسيب، عتبة العنوان في الرواية الفلسطينية، دراسة في النص الموازي، (ص ٢٤)، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، ١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م.
(٥) …البقاعي، نظم الدرر،(١/١٢).


الصفحة التالية
Icon