والملاحظ أن الكرماني وأبا جعفر قد التفتا إلى الأمر من خلال المنظار النحوي، الذي يدل على واقع الأمر بالنسبة للتسبيح، فإن الله سبحانه منزه في ذاته من قبل إيجاده المخلوقين وتنزيههم له، ولذلك بُدئ بالمصدر، ثم كان الحديث عن قيام المخلوقات في الماضي بتسبيحه تعالى واستمرارها على ذلك في الحاضر والمستقبل، وهو كما يبدو السر في توالي صيغتي الماضي والحاضر، وما دام الأمر كذلك بالنسبة لذات الخالق سبحانه، وسلوك المخلوقين ماضياً وحاضراً، فما ينبغي للإنسان أن يتلكأ أو يشذ، وعلى هذا جاءت صيغة الأمر آخر المطاف، وقد تكرر في القرآن الحديث عن تسبيح ما في الكون؛ كيما يسير الإنسان مع التيار ويلحق بالركب.
قال في الميزان إن:" السور القرآنية المصدرة بالحروف المقطعة لا تخلو من ارتباط بين مضامينها وبين تلك الحروف، فالحروف المشتركة تكشف عن مضامين مشتركة"(١).
وعند السامرائي أن :" كل سورة تبدأ بالطاء ترد فيها قصة موسى في أوائلها مفصلة قبل سائر القصص، مثل: طه، وطس، وطسم في القصص، وطسم في الشعراء، وليس في المواطن الأخرى مما يبدأ بالحروف المقطعة مثل ذلك؛ فالقاسم المشترك فيما يبدأ بالحرف (ط) قصة موسى مفصلة في أوائل السورة. والملاحظة الأخرى أن ما يبدأ ب(طسم) تكون قصة موسى فيها أطول مما يبدأ ب(طس)، فكأن زيادة الميم إشعار بزيادة القصة(٢)".

(١) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، (١٤/٧).…
(٢) السامرائي، فاضل صالح، التعبير القرآني، (ص: ٢٢٤)، دار عمار، عمان، ط١، ١٤١٨هـ - ١٩٩٨م. …


الصفحة التالية
Icon