فقد كانت ولادة يحيى عليه السلام، من أم عجوز عاقر وشيخ كبير، معجزة موطئة وممهدة للمعجزة الأكبر في ولادة عيسى عليه السلام دون أب.
والآية لزكريا في حمل يحيى أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، ومريم تنذر للرحمن صوماً فلا تكلم في ذلك اليوم إنسيا.
وكانت المعجزة في أن يؤتى يحيى الحكم صبيا، مقدمة للمعجزة الأكبر في أنّ عيسى يكون نبيا ويبلّغ عن الله في المهد صبيا.
وكذلك كانت نبوة يحيى موطئة لنبوة عيسى.. بحيث يكون يحيى مصدقا بكلمة من الله، فمع أنه سبقه، إلا أنه يصير بعد بعثة عيسى مؤيداً وتابعاً له.
وقال الرازي في حكمة مجيء قصة إبراهيم عليه السلام بعد قصة مريم في سورة مريم: " اعلم أن الغرض من هذه السورة بيان التوحيد والنبوة والحشر، والمنكرون للتوحيد هم الذين أثبتوا معبوداً سوى الله تعالى، وهؤلاء فريقان: منهم من أثبت معبوداً غير الله حياً عاقلاً فاهماً وهم النصارى، ومنهم من أثبت معبوداً غير الله جماداً ليس بحي ولا عاقل ولا فاهم؛ وهم عبَدة الأوثان. والفريقان وإن اشتركا في الضلال، إلا أن ضلال الفريق الثاني أعظم؛ فلما بين تعالى ضلال الفريق الأول تكلم في ضلال الفريق الثاني وهم عبَدة الأوثان"(١).
المطلب الثاني
تشكل قصة جديدة من قصص السورة ( قصص سورة الكهف أُنموذجاً)
هذا المطلب امتداد لسابقه؛ إذ هو يتحدث عن تناسب القصص في السورة الواحدة، لكنه ينظر إليها جميعاً باعتبارها فصولاً أو حلقات متسلسلة.

(١) …الرازي، التفسير الكبير، ( ٧/٥٤١).


الصفحة التالية
Icon