وإذا كانت قصة الكهف تحدثت عن الفتية المؤمنين المطاردين، كيف حفظهم الله تعالى وحفظ الدين الذي قاموا لأجله، حتى إنهم ليبنون المساجد؛ فإن القصة التالية تنبه المؤمنين إلى أن امتلاك زينة الحياة الدنيا لا يعني النصر والتأييد والحفظ والبقاء، إذ الحفظ مرهون بقدر الله وقدرته، وقد جاء بين القصتين قوله تعالى : ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ پ پ پ پ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ٹ ٹ ٹ ٹ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [الكهف]، فهي من جهة تطالب الرسول عليه السلام، بأن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم؛ فإنهم محفوظون كما حُفظ أصحاب الكهف، وبالغون مراد الله تعالى منهم، وتنهاه من جهة أخرى عن طاعة مَن أغفل الله قلبه واتبع هواه وحُكم عليه بأن أمره فُرط، وإن كان ظاهره يشير إلى غير ذلك، وقصة صاحب الجنتين مثال واضح لذلك.
ثم تأتي أخبار موسى مع الخضر عليهما السلام فيها حفظ السفينة لأصحابها المساكين، وحفظ الأبوين المؤمنين، ثم حفظ الكنز لليتيمين اللذين كان أبوهما صالحاً، تطميناً للمؤمنين المستضعفين أنهم محفوظون في دينهم وذرياتهم وأموالهم ولن تغرق سفينة حياتهم ولا سفينة دعوتهم، وأن عليهم حين يصيرون إلى مثل حال ذي القرنين أن يقوموا هم بحماية المستضعفين حسبة لله تعالى، كما حفظهم حال ضعفهم، وكما فعل ذو القرنين حين جعل الردم، لحماية القوم الذين لا يكادون يفقهون قولاً، من إفساد يأجوج ومأجوج.
وقد تكرر الحديث عن الصبر في القصة السابقة لقصة التمكين – قصة ذي القرنين، كأنما لترسخ في قلوب المؤمنين أنه لا يكون تمكين دون صبر وأن الساعات التي تسبق التمكين تحتاج صبراً أكبر.
المطلب الثالث
تناسق الشخصية في القصص القرآني