وقد جاء في سورة البقرة نفسها تحذير للمؤمنين أن يقعوا في مقدمات ذلك؛ حيث إن الأنصار فكروا بالعودة إلى مزارعهم وترك الجهاد؛ فحذرهم الله تعالى أن ُيلقوا بأيديهم إلى التهلكة: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ہ ہ ہ ژ [البقرة : ١٩٥]، كما ورد في سبب نزول هذه الآية؛ فعن أسلم بن يزيد(١) قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد(٢)، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل منا على العدو، فقال الناس: مه مه !! لا إله إلا الله ! يلقي بيده إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصاري(٣): ( إنما تأوّلون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة، أو يبلي من نفسه؛ إنما نزلت فينا معشر الأنصار، لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا بيننا ـ خفيا من رسول الله - ﷺ - ـ : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: ژ ؟ ؟ ہ ہ ہ ژ، فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد ) (٤).
(٢) …عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي ( ت ٤٦هـ)، كان يؤمر على غزو الروم أيام معاوية، وذُكر أنه شهد فتوح الشام مع أبيه، وقيل إن له رؤية أو صحبة، مات بحمص،[ ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ٥/٣٣-٣٥].
(٣) …أبو أيوب الأنصاري، خالد بن زيد الخزرجي من بني النجار،( ت٥٥هـ)، نزل النبي عنده حتى بنيت له حجرة زوجه سودة، شهد العقبة وبدراً وسائر المشاهد، ودفن قرب سور القسطنطينية.[ أسد الغابة ٣/٣٨١-٣٨٢، سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٠٢- ٤١٣].
(٤) رواه الترمذي في كتاب التفسير، رقم( ٢٩٧٣)، وأبو داود في كتاب الجهاد، رقم ( ٢٥١٢)، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ( ١٣).