فالأمر الإلهي لبني إسرائيل بذبح بقرة، جاء بهدف منع سفك الدماء؛ ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک ژ [البقرة: ٧٢- ٧٣]؛ حيث يؤدي كشف القاتل إلى معاقبته وحده، ووقف التدارؤ والتدافع المؤديين إلى الاقتتال وسفك الدماء؛ فمعنى إحياء الموتى هنا حفظ الدماء التي كانت عُرضة لأن تُسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس أي يحييها بمثل تلك الأحكام، على حد قوله: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة](١).
وقد قال في الكشاف:" خوطبت الجماعة لوجود القتل فيهم"(٢)؛ فالقتل ليس عملاً فردياً أو معزولاً عن البيئة الاجتماعية، بل إنه حصيلة ونتيجة لازمة للأيديولوجية والنظام الثقافي الاجتماعي، لأن تشابه القلوب يؤدي إلى تطابق السلوك؛ وبالتالي فمخاطبة المعاصرين للرسول - ﷺ - لأن الإيمان واحد والنفسية واحدة، وهم مهيأون للتكرار.
لكن هذا الأمر بالذبح، له حكمة أخرى، كما يبدو؛ علاجاً للنفوس الغاضبة الراغبة في الثأر والانتقام وسفك الدماء، حيث إن الذبح لحيوان كبير كالبقرة، ورؤية دمه سائلاً مسفوكاً على الأرض، يؤدي إلى تفريغ الطاقة الغضبية، وتنفيس الرغبة في القتل في الحيوان المذبوح.
ولعلنا نتلمس بعض الحكمة في التشريع الإلهي بالذبح والنحر، حيث الذبح في الإسلام عبادة وشعيرة، تتردد بين الندب والوجوب، ولها " مواقيت" مكانية وزمانية، وبها احتفاء واحتفال، يظهر ذلك في الأضحية والهدي والعقيقة والوليمة، وغيرها. إذ يبدو أن الرغبة في القتل وسفك الدماء، فطرة إنسانية وغريزة بشرية، جعلها الله تعالى لأداء بعض الوظائف؛ فإن لم توجًّه الوجهة الصحيحة، قتل الإنسان أخاه ظلماً وعدواناً.

(١) …رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم، (١/٣٥١).
(٢) …الزمخشري، الكشاف، (١/١٥٤).


الصفحة التالية
Icon