وهي من الناحية الأخرى، تدور حول موقف الجماعة المسلمة في أول نشأتها، وإعدادها لحمل أمانة الدعوة والخلافة في الأرض، بعد أن تعلن السورة نكول بني إسرائيل عن حملها، ونقضهم لعهد الله بخصوصها، وتجريدهم شرف الانتساب الحقيقي لإبراهيم - ﷺ - صاحب الحنيفية الأولى، وتبصير الجماعة المسلمة وتحذيرها من العثرات التي سببت تجريد بني إسرائيل من هذا الشرف العظيم"(١).
وقال في تفسير التحرير والتنوير: "وإذ قد كان نزول هذه السورة في أول عهد بإقامة الجامعة الإسلامية، واستقلال أهل الإسلام بمدينتهم؛ كان من أول أغراض هذه السورة تصفية الجامعة الإسلامية من أن تختلط بعناصر مفسدة؛ لما أقام الله لها من الصلاح سعياً لتكوين المدينة الفاضلة النقية من شوائب الدجل والدخل"(٢).
ويقول الدكتور فضل عباس:" وسورة البقرة- كما نعلم- هي سورة التكاليف التي كلفت بها الجماعة المؤمنة، وهذه التكاليف لا بد لها من علم، فمن علم بها وعمل، كان جديراً أن يكون خليفة في هذه الأرض؛ ولذلك ذكر فيها ما يتناسب مع شخصية السورة وموضوعها "(٣).
وعند الدكتور صلاح الخالدي أنها سورة الخلافة والخلفاء(٤).
الاقتباسات السابقة تضمنت عدداً من النقاط، بعضها كرره غير واحد، والبعض الآخر مما تفرد به صاحبه وذلك على النحو الآتي:
موضوع الكتاب: من حيث إقامة الدليل على أحقيته وأنه هدى ليؤمن به الناس ويتبعوه، تكرر عند البقاعي وأسد سبحاني، وذاك واضح من فاتحة السورة الكريمة وخاتمتها.

(١) …قطب، في ظلال القرآن، ( ١/٢٨).
(٢) …ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير،(١/٢٠٢).
(٣) …عباس، فضل حسن، القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته، ( ص ٥٤)، دار الفرقان، عمان، ط١، ١٩٨٥م.
(٤) …الخالدي، صلاح، التفسير الموضوعي، بين النظرية والتطبيق، (ص٧٣).


الصفحة التالية
Icon