وقد جاءت أكثر من فاصلة تتحدث عن علم الله تعالى المطلق بأي نفقة، وأنه بما يعمل الناس بصير وخبير تطميناً لهم أنه لن يضيع شيئاً من أعمالهم، وتحذيراً أن يقصدوا غيره بنفقاتهم، أو يتبعوها بالمن والأذى، وقد تكرر وصفه تعالى بأنه غني مرة مع وصف الحليم وثانية مع وصف الحميد، لتأكيد غناه عن الصدقة، وأنه لو أراد قادر على العطاء دون وساطة المنفقين، وأنه قادر على إجزال العطاء والمثوبة على المنفقين، ثم هو تعالى حليم عن معاجلة العقوبة لأهل المن والأذى، وهو حميد شديد الحمد؛ لأنه يثني على فاعل الخيرات(١).
المطلب الثالث: الفواصل والآخرة
الفاصلة الرابعة من سورة البقرة تصف المتقين أنهم بالآخرة ژ هم يوقنون ژ، وتأتي الفاصلة قبل الأخيرة في السورة الكريمة على لسان الرسول- ﷺ - والمؤمنين معه لتؤكد حصول اليقين بالآخرة عندهم ژ غفرانك ربنا وإليك المصير ژ، ولقد سبق الحديث عن امتداد موضوع البعث في قصص السورة، ما يعزز كون الآخرة والبعث من أظهر المحاور في هذه السورة الكريمة، وألصقها بموضوعها الرئيس، وهو ما يلاحظ أيضاً في الكثير من الفواصل فيها.
فقد جاءت أربع فواصل من مشتقات الجذر ( رجع )، تؤكد حتمية الرجوع إلى الله تعالى يوم القيامة، واللافت في جميعها تقدم الجار والمجرور على جملة ( الرجوع)، اسمية كانت أو فعلية، ليفيد الاختصاص؛ على معنى أن الرجوع يكون إلى الله تعالى وحده (٢) لا إلى غيره، وقد جاء مرة في سياق استنكار كفر الناس بالله تعالى مع أنهم راجعون إليه، وفي سياق بيان أثر هذا الاعتقاد في الخشوع المؤدي إلى الاستعانة بالصبر والصلاة، وفي بيان تأثيره في تحقيق الصبر عند المصيبة، وللحث من خلاله على إقراض الله سبحانه قرضاً حسناً.
ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ.
ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ.

(١) …ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ( ٣/٥٨).
(٢) …البقاعي، نظم الدرر، ( ١/ ١٢٧).


الصفحة التالية
Icon