و"هنا تمت المقدمة بعد أن وصفت القرآن بما هو أهله، ووصفت متبعيه ومخالفيه كلاً بما يستحقه، ولا ريب أن وصف هذه الطوائف جميعها راجع في المآل إلى الثناء على القرآن؛ فإن الشيء الذي يكون متبعوه هم أهل الهدى والفلاح، ومخالفوه هم أهل الضلالة والخسر، لا يكون إلا حقاً واضحاً لا ريب فيه"(١).
وبعد الحديث عن الكتاب ومواقف الناس من هذا الكتاب، وعلى رأسهم المهتدون به، فإن الآيات تنتقل للحديث عن مراد الله تعالى من الكتاب وهو توحيده بالعبادة: ژ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ.
وهذا أول نداء في المصحف الشريف يتجه إلى الناس جميعهم، لأن القرآن في الأصل للناس كافة ژ ں ں ژ [البقرة: ١٨٥]، وإن كان لا يهتدي به إلا المتقون، يدعو الناس أن يعبدوا الله وحده وأن لا يجعلوا له أنداداً، ويؤكد أن الذي نُزّل عليه الكتاب – على علو شأنه – فإنه ليس إلا عبداً له سبحانه. وفيما سبق لفت إلى قافلة البشرية، وتعليل للأمر بالعبادة أنه لأجل أن تتحصل التقوى التي يكرم الله أهلها فيهديهم بهذا الكتاب، ثم يعود للكتاب الذي نزله على عبده يتحداهم إن كانوا لا يزالون في ريب منه أن يأتوا بسورة من مثله فإن عجزوا وهم لا محالة عاجزون- وذاك دليل على أنه لا ريب في هذا الكتاب-، فليتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين، وذاك إنذار آخر للكافرين – من الله تعالى- لا من رسوله والنتيجة هي النتيجة؛ أنه يستوي في حقهم الإنذار وعدمه، كيلا يستغرب الرسول والمتقون من عدم إيمانهم فيظنوا المشكلة في كتابهم أو في أنفسهم وأسلوبهم، ويعود الخطاب إلى النبي- - ﷺ - - كي يبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

(١) …دراز، النبأ العظيم، (ص ١٧٣).


الصفحة التالية
Icon