على هذا، فهاتان السورتان جاءتا على نمط قوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ پ پ پ پ ؟ ژ [آل عمران]؛ حيث إن الأولى تشبه قوله سبحانه: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ لكونها دعوة إلى الإيمان بما أنزل الله تبارك وتعالى، والثانية تشبه قوله: ژ ؟ پ ژ، لكونها دعوة إلى اتباع رسول الله صلوات الله عليه وسلامه.
ثم إن هذين الأمرين يلتقيان في واجب الأمر بالإيفاء بالعهد، حيث إن بني إسرائيل قد أُخذ منهم العهد على لسان رسلهم أن يؤمنوا بهذا القرآن، كما أُخذ منهم العهد أن يؤمنوا بهذا الرسول، عليه الصلاة والسلام.
وقد ذكر هذان العهدان في هاتين السورتين عدة مرات؛ فالسورة الأولى دعوة إلى أن يوفوا بعهدهم الأول، كما أن الثانية دعوة إلى أن يوفوا بعهدهم الثاني"(١).
إن " كلا منهما بدئ بذكر الكتاب وشأن الناس في الاهتداء به؛ ففي السورة الأولى ذكر أصناف الناس من يؤمن به ومن لا يؤمن؛ والمناسب في ذلك التقديم لأنه كلام في أصل الدعوة، وفي الثانية ذكر الزائغين الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، والراسخين في العلم الذين يؤمنون بمحكمه ومتشابهه ويقولون كل من عند ربنا، والمناسب فيه التأخير لأنه فيما وقع بعد انتشار الدعوة"(٢).
وصف الكتاب في أول البقرة بأنه ژ ؟ پپ پ ژ [الآية: ٢]، وقال في آل عمران: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [الآية: ٣]، وذلك بسط وإطناب لنفي الريب عنه.
وجاء في البقرة إنزال الكتاب مجملاًً، وقسمه في آل عمران إلى آيات محكمات، ومتشابهات.

(١) …سبحاني، البرهان في نظام القرآن، (ص ٦٤١، ٦٤٢ ).
(٢) …رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم/المنار، (٣/١٥٣).


الصفحة التالية
Icon