المطلب الثالث: التناسب بين خاتمتي السورتين: إن هاتين السورتين متشابهتان في خاتمتيهما أيضاً كما أنهما متشابهتان في فاتحتيهما، حيث إن الخاتمتين كلتيهما مدح وثناء لصحابة رسول الله،- ﷺ - وتشتملان على أدعية حارة ضارعة من المؤمنين واستجابة عجيبة سريعة من الله(١).
فالدعاء في الأولى يناسب بدء الدين لأن معظمه فيما يتعلق بالتكليف وطلب النصر على جاحدي الدعوة ومحاربي أهلها، وفي الثانية يناسب ما بعد ذلك لأنه يتضمن الكلام في قبول الدعوة وطلب الجزاء عليه في الآخرة(٢).
وكذلك فإن خاتمة البقرة فيها سؤال الله تعالى النصر على الكافرين، فجاءت خاتمة آل عمران تبين سبيل النصر والفلاح بالصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله تعالى.
المطلب الرابع: تناسب الاتحاد والتلاحم بين السورتين( التوأمة): قرن النبي - ﷺ - بين سورتي البقرة وآل عمران في بعض أحاديثه الشريفة؛ حيث وصفهما بالزهراوين، وأنه يُؤتى بالقرآن، وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا؛ تقدمهم سورة البقرة وسورة آل عمران كأنهما غمامتان أو غيابتان أو كأنهما ظلتان سوداوان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما. ومثل هذا الحديث، ينوه بأهمية السورتين الكريمتين، ويجمعهما في سياق واحد، ويصورهما كأنهما توأمان إذ تؤديان، في تكامل، ذات المهمة.
وقد ذكر السيوطي في تناسق الدرر أن بين سورة آل عمران وسورة البقرة اتحاداً وتلاحماً متأكدا؛ لأن البقرة بمنزلة إزالة الشبهة، ولهذا تكرر في آل عمران ما يتعلق بالمقصود الذي هو بيان حقيقة الكتاب: من إنزال الكتاب، وتصديقه للكتب قبله، والهدى إلى الصراط المستقيم(٣).
(٢) …رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم/المنار، (٣/١٥٣).
(٣) …السيوطي، تناسق الدرر، ( ص٧٣).