دعاء واستجابة: فإنه لما أخبر سبحانه وتعالى أن عباده المخلصين سألوا في الفاتحة هداية الصراط المستقيم، الذي هو غير طريق الهالكين، أرشدهم في أول التي تليها إلى أن الهدى المسئول إنما هو في هذا الكتاب، وبين لهم صفات الفريقين: الممنوحين بالهداية حثاً على التخلق بها، والممنوعين عنها زجراً عن قربها(١).
وقال البقاعي في نظم الدرر: " فحصل من هذه السورة بأسرها - يقصد سورة البقرة - بيان الصراط المستقيم على الاستيفاء والكمال أخذاً وتركاً، وبيان شرف من أخذ به وسوء حال من تنكب عنه، وكان العباد لما عُلّموا : ژ ٹ ٹ ٹ ؟ ژ إلى آخر السورة، قيل لهم: عليكم بالكتاب، إجابة لسؤالهم، ثم بين لهم حال من سلك ما طلبوا، فكأن قيل لهم: أهل الصراط المستقيم وسالكوه هم الذين بين شأنهم وأمرهم، والمغضوب عليهم من المتنكبين هم اليهود الذين بين أمرهم وشأنهم، والضالون هم النصارى الذين بين أمرهم وشأنهم، فيجب على من رغب في سلوك الصراط المستقيم أن يحذر مما أصاب هؤلاء مما نبه عليه، وأن يأخذ نفسه بكذا وكذا، وأن ينسحب إيمانه على كل ذلك، وأن يسلم الأمر لله الذي تطلب منه الهداية، ويتضرع إليه بأن لا يؤاخذه بما يثمره الخطأ والنسيان، وأن لا يحمله ما ليس في وسعه، وأن يعفو عنه- إلى آخر السورة"(٢)

(١) …البقاعي، نظم الدرر، (١/٣٢).
(٢) …البقاعي، نظم الدرر، (١/٥٥٦).


الصفحة التالية
Icon