وفي نظم الدرر أن حاصل سورة النصر الإيذان بكمال الدين، ودنو الوفاة لخاتم النبيين، والنصر على جميع الظالمين الطاغين الباغين، وذلك من أعظم مقاصد المائدة، كما يشير إليه قوله تعالىژ چ چ چ ؟ ژ [المائدة٣]، وقوله سبحانه ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [المائدة: ٥٦] (١).
الناس والفاتحة: فسورة الناس وهي الأولى من آخر المصحف، تناظر الفاتحة وهي الأولى من أوله؛ حيث بُدئت كلتاهما بالثناء على الله تعالى، ففي الناس الثناء على الله تعالى بأنه رب الناس إله الناس ملك الناس، وفي الفاتحة البدء بالحمد وهو غاية الثناء، لتضمنه بأنه تعالى رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، ولئن جاء الثناء على الله تعالى تقريراً منه سبحانه، فقد جاء الثناء في سورة الناس مسبوقاً بكلمة قل ليس فقط على أساس الترداد الذاتي ولكن أيضاً باعتبار حمل الرسالة وتبليغ الفكرة.
وحيث تضمنت الفاتحة سؤال الله تعالى الهداية والسلامة من سبيل المغضوب عليهم والضالين فقد جاء في الناس طلب العوذ به سبحانه من الوسواس الخناس، من الجنة كان أم من الناس.
وقد كان حق ما سبق أن يفرد في مطلب مستقل من الفصل الثاني، لكن قصر المادة الموجودة عن التناسب بين الفلق والبقرة، عن أن تشكل مبحثاً مستقلاً في هذا الفصل، والرغبة في تعزيز ما ذهب إليه البقاعي في رد المقطع على المطلع بالنسبة لسور القرآن الكريم، ثم الخلوص منها إلى ما أورده عن التناسب بين سورتي البقرة والفلق، انطلاقاً من أن الأمر مطرد وليس مجرد تعداد لصلات متوهمة بين سورة طويلة وأخرى من القصار، مما دفع الباحث إلى الاستطراد في ذكر النقولات السابقة، ومن ثم جعلها في هذا المبحث عن المناسبة بين سورتي الفلق والبقرة.

(١) …البقاعي، نظم الدرر، ( ٨/ ٥٦٤).


الصفحة التالية
Icon