إن سورة البقرة هي الموضع الوحيد في القرآن كله الذي تُذكر فيه الخلافة في الأرض، مرتبطة بخلق آدم " كما يقول الأستاذ محمد قطب، في سفره القيم :" دراسات قرآنية"، والذي يتابع قائلاً :" لقد كان ذكر القصة - يقصد قصة آدم - من قبل يأتي في العهد المكي، والمسلمون مشردون في الأرض، لم يُمكّنوا بعد. والآن ترد القصة في العهد المدني؛ بعد أن قامت الدولة المسلمة وبدأت تتمكن في الأرض. فهل لذلك علاقة بذكر الاستخلاف في هذا الموضع ؟!(...) فهنا بعد أن استقر المسلمون في الأرض؛ أصبح من المناسب أن يُذكر لهم أن أباهم آدم خلق ليكون خليفة في الأرض. وهم - اليوم - هم ورثة الاستخلاف، المطلوب منهم: أن يُقيموا الخلافة الراشدة في الأرض.
" كذلك يُذكر هنا - لأول مرة على كثرة ما ذكر من قبل قصة آدم في السور المكية - قصة تعليم آدم الأسماء كلها: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ چ چ چ چ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک کگ گ گ گ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة: ٣١ ـ ٣٣].
" فهل هناك توجيه معين هنا من ذكر هذه القصة في مفتتح سورة المدنية الأولى التي جاءت لتحدد سمات المجتمع الإسلامي ؟
"مرة أخرى نقول : ربما ـ والله أعلم ـ إن هذه الأمة التي بدأ استخلافها في الأرض مقدر لها في علم الله أن تكون هي المهيمنة على حياة البشرية، فترة مديدة من الزمن. ومقدرٌ لها ـ كذلك ـ أن تكون هي الأمة "العالمة " في الأرض في تلك الفترة من الزمن، وأن تنشئ الحركة العلمية التي تعيش عليها البشرية قروناً أخرى فيما بعد، فهل لذلك علاقة بذكر تعلم آدم الأسماء كلها ؟! (١)".

(١) …قطب، محمد، دراسات قرآنية، (ص ٢٩٧ ـ٢٩٨ )، دار الشروق، القاهرة ط ٧، ١٩٩٣م.


الصفحة التالية
Icon